فتحية الجديدي
تجرنا أنفسنا وراء سلوكيات نعتقد أنها لا تزال صالحة في زمن ليس زمننا ، ونتفرد بفسحة من الاتكال على ماضٍ يحركنا أحيانًا وننبشه أحياناً أخرى، سعياً وراء تحقيق شيء من الرضا داخلنا ، فنظل متشبتين بهذه الفسحة إلى حين. ربما تكون هذه الحالة الفلسفية لا تخضع لمنطق الساعة أو الحاضر بتعدد مفاهيمه وتغيره القوي والسريع ومظهره الـ«تيك اوي»، وكذلك المشاعر والحسابات غير الدقيقة للأشخاص ، لكنها تعبر عن الكثير منا، عندما نريد أن نعلن حالة المحبة أو الوفاء أو على أقل تقدير العشرة الطيبة لما احتوته السنوات وانفردت به أيامنا ومنحته لنا الفضاءات المشتركة !
لا أقصد أي أحد في حديثي إلا نفسي التي أمرتني بالمحبة ولا غير ذلك – وهذا خطأ – لأنه بكل بساطة من المفترض أن يكون هناك توازن يقابله القليل من البغض لأنتج معادلة بها معركة ذاتية متساوية ، لأن الرقم الصحيح لا يقبل القسمة ولابد أن يكون هناك كسر يعيد له دفة المكسب والخسارة فتكون النسبة العالية له ويظل الناتج الأقل يتيماً وضعيفاً – هكذا أنا – أمثل نفسي «باللوغاريتم» محايد كي لا أخسر كثيرًا ولو كان الربح مغري ، لا أقبل أن أدفع المحبة مقابل الشر ولا الكره مقابل الضغينة ، وتظل القليل من الأشياء المؤلمة هي الفيصل بين كل تلك التوازنات
الكثير منا يقوم بتفسير ما ينتج عن سلوكنا وتخفى عنه الدوافع، لذلك ننسى التعامل معها ، ولهذا يجب أن لا تكون تخميناتنا بعيدة عن المنطق بأن لكل منا معركته مع نفسه وليست مع الآخرين ، وإن أجبرتنا القاعدة الإنسانية في التعامل مع الآخر بأن تكون من منطق غير العداوة لأنها ليست حرباً أساسًا، بل هي خسارات أخرى تبين هشاشة أصحابها وعدم احترام للذات مهما علت مراتبنا وانفتح تفكيرنا ، حيث نظل في نقطة البداية عندما نفصل بين المحبة والضغينة التي لا تساوي إلا خسارة واحدة .. وهي نحن.