منصة الصباح

عيد الأضحى.. واختزال القيمة في خروف

أحلام محمد الكميشي

يمرّ عيد الأضحى وتُختزل شعيرته عند البعض في الحصول على أضحية، بينما يُفترض أن يكون درسًا حيًّا في الإيمان والتسليم، لا مجرد طقس اجتماعي نُرضي به الأطفال، إن قصة الذبيح ليست حكاية رمزية بل تجربة إيمانية شاقة، تُختبر فيها القلوب والعقول، وتُرسّخ فيها القيم الكبرى: الصبر، الطاعة العمياء، التسليم لله، والثقة بالله.

ذُكر نبي الله (إبراهيم) عليه السلام 69 مرة في القرآن الكريم منها ست مرات بصفته (حنيفًا)، واتخذه الله خليلًا بعد نجاحه في الاختبارات العظيمة، فقد نفّذ أمر الله بترك زوجه وولده الرضيع في واد غير ذي زرع بثقة كاملة منه ومنها أن الله موجود، فلا حجة لمن يعصي الله بدعوى تأمين مستقبل الأولاد، وهم سيكونون أول قربان يقدمه المجرم يوم القيامة لافتداء نفسه من العذاب، وقد سأل “عمر بن عبد العزيز” أولاده ذات امتحان: أتصبرون وندخل جميعا الجنة إن شاء الله تعالى، أم لا تصبرون ويدخل أبوكم النار؟ قالوا: بل نصبر يا أبانا.

كافأ الله هاجر وإسماعيل عليهما السلام بماء زمزم، وجعل سعيها بين الصفا والمروة شعيرة من شعائر الحج، واستجاب دعاء إبراهيم عليه السلام فجعل ذلك الوادي عامرًا إلى يوم الدين، ثم كبر إسماعيل عليه السلام ورفع قواعد البيت مع والده، ومجددًا خضعا معًا لاختبار أشد قسوة أن يذبح الأب ولده الوحيد بيده طاعة لله؟ وأن يقبل الولد طاعة لله، بل يشجّع والده ويطيّب خاطره، وكانا معًا في قمة التسليم، (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) تلك اللحظة الفاصلة بين الحياة والموت بين الصبر والكفر بين الرفقة والفراق بين الطاعة والمعصية بلغ الإبتلاء ذروته، عندها جاء الفرج وفازا معًا وكان الذبح العظيم فدية أنهت عادة تقديم القرابين البشرية.

كم مرة هزمتنا الحياة قبل أن ندرك أننا في امتحان؟ كم مرة خسرنا وبررنا معصيتنا بالأولاد بدل أن نربّيهم على الصبر والطاعة؟ إن جوهر عيد الأضحى هو الطاعة والصبر على كل ما نكره والتضحية بما نحب، ما أحوجنا لتربية أولادنا على نهج إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام لا أن نتخذهم ذريعة للمعصية والتقصير، ما أحوجنا لتدبر القيم الروحية العظيمة لعيد الأضحى لا تحويله إلى مجرد فرصة للحصول على خروف.. على خاطر الصغار.

 

شاهد أيضاً

عُطْلَةُ العِيدْ… وَثَقَافَةُ التَّمْدِيدْ

بعد عطلة العيد تحولت طرابلس إلى مدينة أشباح، بسبب الموظف والطالب الليبي، ولنقل المواطن الليبي …