منصة الصباح

خصومة مفتعلة تُلهي عن الخطر الحقيقي

يمارس بعض الناشطين على الجانبين التونسي والليبي تحريضًا مزدوجًا يتم خلاله خلط الأوراق والتشويش على المتلقي عبر إطلاق مسميات ليست حقيقية للأشياء، ولكل غاياته من وراء هذا، لكنه في المجمل يؤدي لتأجيج الفتنة بين البلدين شعبًا وحكومة وبما يعرض مصالح المواطنين للخطر خاصة من تتطلب حياته وظروفها السفر أو الإقامة في بلد الآخر.

تميزت العلاقات بين الشعبين التونسي والليبي بتجارب تاريخية مشتركة، فقد سال الدم الليبي في معارك الكفاح ضد فرنسا في تونس، وسال الدم التونسي في معارك الكفاح ضد إيطاليا في ليبيا، واستضافت كل بلد مجاهدين وسياسيين من الأخرى ووفّرت لهم الحماية والدعم، واستقلت كل منهما في خمسينيات القرن العشرين، إلا أنه بمرور الزمن وتباين الموارد والرؤى السياسية والاقتصادية، نشأ نوع من الاحتياج المتبادل والتكامل الذي كان من الأفضل تنظيمه بتخطيط محكم يتطور ليراعي قوانين ومصالح كل بلد وبما لا يؤثر في الأخرى أو يؤدي لاستغلالها.

وبدون الغوص في التفاصيل، انتشر فجأة خبر مفاده أن السلطات التونسية ألقت القبض على شاب ليبي بتهمة تتعلق بالكسكسي ما أحدث موجة من ردود الفعل وأبرَز للواجهة مشاعر متفاوتة تجاه الموضوع ودفع البعض لاستغلاله إعلاميًا للحديث عن مواطنين من بلد تحتجزهما الأخرى وعن بضائع وسلع ومنتوجات يتم تبادلها بين الجانبين يسميها المتبادلون تجارة لكن السياسيين والقانونيين وواقع الحال لديهم تسميات أخرى، وأغلب النشطاء من البلدين يطالبون بالمعاملة بالمثل مع جهل تام لخطة العمل المفصّلة عن هذا المثل وعن آليته الزمانية والمكانية، وعن أثره على النشاطات والعلاقات ومستواها ما بين رسمي ودبلوماسي وشعبي، ورغم التحديات المشتركة التي تواجه البلدين كالهجرة غير القانونية وآثارها السلبية المتفاقمة، فإن بعض الأصوات تحاول تأجيج خصومة مفتعلة تُشتت الانتباه عن الأخطار الحقيقية التي تهدد أمن واستقرار المجتمعين والتركيبة الديموغرافية لكل منهما، ولعل كلا البلدين بحاجة للحوار المشترك الحكيم لبحث كل المسائل وإيجاد تسويات وحلول فعّالة لها مع ضرورة وقف التحريض ومحاسبة من يسعون لتأجيج النزاعات، وإيجاد حل جذري للخطر الحقيقي قبل أن يستعصي عن الحل.

أحلام محمد الكميشي

شاهد أيضاً

لماذا لا نترشح لكأس العالم؟

عبدالرزاق الداهش اللاعب، أو العامل الوحيد الذي كان يمكن ان يعطي الإضافة لمنتخبنا هو الحظ. …