منصة الصباح

مشاكسات

   بقلم / سليم يونس

“إنها محاولة للإضاءة على الأحداث والمواقف من زوايا أخرى، بقراءة تستهدف استنطاق الأقوال والتصرفات بما لا يفصح عنه ظاهرها، من خلال مشاكسة الظاهر من اللغة، بتفكيك محتواها عبر طرح الأسئلة المخالفة التي ربما لا ترضي الكثيرين، كونها تفتح نافذة للتفكير ربما المفارق…ولكنه فيما نعتقد الضروري، من أجل أن نعيد لفضيلة السؤال والتفكير قيمته…أليست مشاكسة.

شرعية أخلاقية…!

“قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، يوم الاثنين إن الاستخفاف بالمبادئ القانونية سيضر بما تبقى من شرعية أخلاقية للجانب الأمريكي في الملف الفلسطيني”.

مشاكسة…هل لنا أن نسأل السيد أبو الغيط ابتداء، ما هو مفهوم الشرعية الأخلاقية؟ وهل هي إذا جاز القول بوجودها في العلاقات السياسية بين الدول، هي تلك  التي تراعي الأبعاد الصارمة للقيم الإنسانية والأخلاقية السامية في التعامل مع الآخرين؟ ومن ثم إذا كان الأمر كذلك، أليس من  بؤس التفكير أولا وقبل القول، أن يتحدث الأمين العام للجامعة العربية عن وجود شرعية أخلاقية لأمريكا، سواء في الملف الفلسطيني أو غيره من الملفات؟ هل لدولة اختلقت وروجت لكذبة من أجل أن تدمر العراق شرعية أخلاقية؟ ثم هل لمن تبنى المشروع الإحلالي الصهيوني  الاستعماري في فلسطين منذ أن كان فكرة، على حساب شعب آخر؛ شرعية أخلاقية؟  وهل لمن استعمل السلاح الذري ضد المدنين وحاصر دولا وشعوبا لعشرات الأعوام علاقة بالشرعية الأخلاقية؟ ثم ما الذي يحكم السلوك السياسي الأمريكي  في علاقاتها مع الآخرين؟ هل هي المصالح أم الأخلاق وقيم العدل والحق؟ ثم أين الشرعية الأخلاقية لمن شرْعن احتلال القدس والجولان وضم الضفة الغربية؟ ومن ثم فإنه على ضوء ذلك، ألم يجانب السيد أبو الغيط الصواب، عندما يتحدث حتى عن بقية شرعية أخلاقية لدي الولايات المتحدة الأمريكية؟!

خطوط أمريكا الحمراء..!

“اعتبر السيناتور كريس فان هوللين أن تركيا تجاوزت خطا أحمر آخر، حين بدأت تختبر رادارات منظومات صواريخ “إس-400″ المضادة للطائرات التي اشترتها من روسيا”.

مشاكسة…هل هي وحدها الولايات المتحدة الأمريكية التي يجب أن تكون لها خطوطها الحمراء في علاقتها مع الآخرين؟ ثم أليست المصالح والسياسات في بعديها الاستراتيجي والمرحلي لأي دولة وهي حق لها، هي من يحدد تلك الخطوط الحمراء؟ ثم لماذا لا تتصور أمريكا أن من حق تركيا أيضا، أن يكون لها خطوطها الحمراء، وفقا لمصالحها هي، وليس مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، مهما كانت قوة العلاقات بينهما؟ ثم هل يجب أن تكون المصالح الأمريكية هي المعيار في تحديد مصالح الآخرين؟ ثم هل يجب على تركيا أن تكون تابعا وفي خدمة المصالح الأمريكية حتى  لا تتجاوز خطوط واشنطن الحمراء؟ ولماذا تحاول الولايات المتحدة أن تُذكِّر الدول التي تربطها بها علاقة مميزة، أنها يجب ألا يكون لها مصالح وسياسات تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة؟ وأن درجة رضاءها عنها هي عندما تقبل تلك الدول، أن تكون أدوات في خدمة الاستراتيجيات الأمريكية ؟ ومن ثم ألم يشكل هذا السلوك الأمريكي وعلى الدوام ، مكونا أساسيا من ثقافة الاستحواذ والهيمنة على الآخرين المستقرة  في العقل السياسي الأمريكي ومنذ قرون؟!

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …