خديجة زغبية
إحدى عشرة قصة قصيرةً يقدمها لنا الأستاذ سفيان قصيبات في أولى باقاته الأدبية «غربة من نوع آخر» وهو الموعد الأول الذي يوصله بالقراء، حيث تنوعت النصوص في المجموعة القصصية بمختلف محيطاتها وأزمنتها التي تجوّل فيها الكاتب بنا مرة في الإسكندرية وأخرى في أرض فلسطين وغيرها من الأمكنة، تارةً نجد أنفسنا في فصل دراسي رفقة أطفال طلبت منهم معلمتهم كتابة موضوع عن الوطن ليظهر لنا رسم «حنظلة» على أحد الجدران رافضاً الواقع العربي الملوث بألوان زادت قتامته، أو يجد القارئ نفسه رفقة «العم محمود» جالساً في النفق ولا نعلم هل يقصد به الكاتب نفق الماضي الذي يحوي مانحمله من ذكريات والآم أو مستقبل نترقب مواجعه بعد ما واجهناه من انحناءات أثناء مسيرنا، وعلى وجه التحديد فقد استوقفتني كثيرا جملة «هو احنا رايحين فين!» وفعلاً إلى أين تسير بنا خطواتنا المترنحة؟ بين جلسة في المقهى أو في بيت دافئ وعائلة مُحِبَة إلى لقاءٍ على شاطئ الإسكندرية ثم إلى عاصمة الجمال بيروت اختلفت الأماكن واختلفت القصص في غربة قصيبات لكنها تتشارك الوجع متضمنةً كماً لا بأس به من الذكريات التي نسجها الكاتب من أغاني «فيروز» و حميمية المكان معها، ومن مذاق الرشفة الأولى لفنجان القهوة إلى تتابع كلمات درويش و نزار قباني. ومثلما وفق القاص سفيان قصيبات في اختيار اقتباساته التي سبقت كلَّ نصٍّ من النصوص القصصية وكان اختيارها بالقدر الجيد وقد حملت شجن النص و أضفت عليه الكثير مما أوقعه في النفس، فقد تنوع الراوي في المجموعة بشكل مشوق ففي بعضها استخدم الكاتب ضمير المتكلم كالنص المعنونة به المجموعة «غربة من نوع آخر» والتي وصف بها الكاتب أحد أوجاعنا الأبدية، وكذلك استخدامه لضمير الغائب في نص «النفق» والذي يحمل الصوت الداخلي للقارئ. ومن الملاحظ على المجموعة القصصية الأولى للأستاذ سفيان قصيبات أن بعض النصوص ذَكر فيها الكاتب أسماء شخصياته، وكانت محدودة جداً، والبعض الآخر تركها مجهولة الهوية مثل
قصته «على ناصية القدر»، كما أن الحوارات بين شخصياته كانت قصيرة ، وبعضها مفتوحة النهايات تاركاً العنان لمخيلة القارئ الباحثة عن التوق والمكتشفة لأسرار صوت القارئ نفسه. وإجمالاً يمكننا اعتبار أن (غربة من نوع آخر) للأستاذ سفيان قصيبات كزهرة أولى في بستان الكاتب تنشر هذه المجموعة القصصية جمالها وكلنا في شوق لأعمال ابداعية أسمى وأبهى.