منصة الصباح

زواج القاصرات.. إلى أين؟

مشاهدات : فتحية الجديدي

تبلغ من العمر  السابعة عشر فقط  وتدرس في السنة الثانية من المرحلة الثانوية عندما تقدم أحد الشبان لخطبتها، وبمجرد أن طرق العريس باب البيت لم يتردد الأب في الإلحاح بضرورة تزويج  ابنته الصغيرة التي ما تزال ترسم أحلامها غير المكتملة.

وتنسج تطلعاتها التي لم تنضح بعد، فورا أصدر الأب حكما بوضع طفلته في قالب اجتماعي يظلمها ويطلب منها أن تكون زوجة رغم صغر سنها وعدم مقدرتها على تدبير أمور حياة أخرى، يريد والدها أن تنتقل إليها، فيما هي لا تعي منها شيئا، وغير قادرة على تحمل المسؤولية، ولازالت فتاة قاصر ولم تبلغ السن القانونية حتى!  فسن الثامنة عشر لا تعني سن الزواج َوالارتباط وتحمل المسؤولية .

هذه الفتاة لم تكمل دراستها أمام إصرار والديها جرى نقلها إلى بيت الزوجية، حتى أنهما لم ينتظرا انتهاء الامتحانات، مع أنها كانت متفوقة بين زميلاتها في الكلية التخصصية، فكان أن وضعت دفترها جانبا على طاولة القراءة في غرفتها وألغت حلمها في أن تكون مهندسة أو طبيبة أو معلمة أو صيدلانية، واكتفت بالدور الاجتماعي ومهمة العمل داخل البيت متخلية عن العلم وما يوفره لها من نجاح وقيمة ومكانة وشخصية ومساحة كافية من الأمان…

… ومن الجانب القانوني تعتبر هذه الفتاة قاصرا إزاء ما يتم ارتكابه في حقها بإقصائها وعدم منحها فرصة أن تعيش كما يجب وما تستدعيه مرحلتها مقارنة بعمرها الصغير الذي يضعها في نطاق الزواج غير الجائز لعدم بلوغها السن القانونية،  أثناء عقد القرآن الذي يضطر فيه المأذون لطلب الموافقة من المحكمة، من أنه لم يجر إرغامها على الزواج من قبل أي فرد من أفراد أسرتها ولأي ظرف كان، لكن ما يقترفه الآباء في حق هؤلاء الفتيات القاصرات بمبررات غير منطقية هو جريمة واضحة والمساس بعفتهن من منطلق المبررات ذاتها.. (البنت كبرت) (البنت مالهاش إلا حوش راجلها) (البنت في الأخير ماليها إلا حوشها).. والكثير من المسميات التي تظلم الفتيات وتضعهن في الإطار الاجتماعي المعقد وتلغي طفولتهن وتقضي على أحلامهن!

تزوجت القاصر وجميع أفراد العائلة وافقوا على زيجتها من رجل يكبرها عمرا وغير متكافئ معها فكريا واجتماعيا؛ فوقعت ضحية الزواج وتحولت هذه العلاقة إلى جحيم طال إنسانيتها وتحولت لضحية.

لماذا يتم زواج القاصرات هل هو خطأ الآباء؟

لماذا يتم زواج الفتيات الصغيرات هل لظروف مادية بحتة؟

ما ذنب الفتيات اللائي هن تحت سن الزواج في أن يسقن لرجل وحياة لن يستوعبنها بعد؟

ما غاية الآباء في زيجة بناتهن القاصرات اجتماعيا وقانونيا؟

من قال إن الزواج قسمة ونصيب، وتحويله من مشروع ومؤسسة اجتماعية إلى صفقة رأس مالها الطفلة البريئة التي ما تزال تتشكل ملامح الحياة عندها ولا تعي مفاهيمها..

هل يعاقب من يقترف هذا الذنب وماهي العقوبة لذلك؟

لازالت بعض العقليات _للأسف _يزجون بناتهم للزواج الغصب أو بالإكراه وتسليمهم لرجال _حسب وجهة نظرهم _ إنهن في أمان ولا يفكرون في التضحية التي تقدمها القاصر حتى تتمكن من التكيف داخل بيت الزوجية ، وكم من التنازلات تقدمها لتتوفق في معيشتها مع زوج لا يهمه إلا مصلحته الشخصية التي بدأها بطلب يد هذه الفتاة دون أن يراعي الفارق الاجتماعي الذي يقتل كل الطموحات والأمنيات ويغتال الطفولة ويقضى على الصبا ويحول الصغيرة إلى امرأة وأم مباشرة، وتخطي كل ما يمكن أن تمر به من مراحل النضح والعيش بهدوء.

هذا ما يدعونا للقول إن زواج القاصرات سببه الرجل، وهي جريمة من صنع الأب، فيما الجهات المسؤولة والمختصة للأسف، لازالت تغض النظر أمام هذه المسائل وما ينجم عنها من مشاكل تتحول إلى قضايا.. يصعب حلها في أغلب الأحيان…

شاهد أيضاً

التومي على مذكرة تعاون مع وزارة اللامركزية الجيبوتي

الصباح وقع وزير الحكم المحلي بدر الدين التومي ، و وزير اللامركزية الجيبوتي قاسم هارون …