جمعة بوكليب
جبهةُ الأمل
حين تتعدد جبهاتُ القتال، وتكثرُ المحاور في حرب ، لن يكون بمستطاع القادة التركيز عليها جميعًا، كون بعضها تكتسب أهمية أكثر من غيرها، فتحظى بأولوية التركيز، لأن سقوطها يعني سقوط البقية.
الحروبُ متنوعة، وهذه حقيقة. بمعنى أنّها لا تقتصر على الأعمال العسكرية والجيوش والقتل، بنيّة إلحاق الهزيمة بالأعداء.
هناك حروب تشتعل وتنتهي ولا يعلم بها أحد، في داخل كل واحد منّا. وهي حروب مضنية وعسيرة. الرابح والخاسر فيها أنتَ لا غير.
وفي حربي السرية المستعرة في داخلي منذ سنوات، تتعدد الجبهات وتكثر المحاور، وعليَّ، في ذات الوقت، أن أنشطر نصفين. شقّ يدافع وشقّ يهاجم. أحياناً، أصاب بالإرهاق والتعب، فأخلد بنصفي المهاجم إلى الراحة، وتتاح بذلك فرصة لنصفي المدافع لاعادة ترميم ما تصدع وأنهار من خطوط الدفاع.
ومثل أي قائد عسكري، في حرب طويلة، تبدو بلا نهاية، وبجبهات متعددة، ومحاورة كثيرة، تكتسب بعض الجبهات أهمية أكثر من غيرها. وسقوطها يقود إلى سقوطي أنا نهائياً في هاوية لا رجوع منها. الجبهة المقصودة أطلق عليها اسم جبهة الأمل.
وهي كما يبدو من الاسم فضفاضة. فالأمل لا يجهله أحد، ويطول كل مجالات الحياة وأصناف الناس. وعليَّ الدفاع عن جبهته إلى أخر نفس.
محورُ الوطن أهم المحاور على تلك الجبهة الطويلة. الوطن مصطلح رغم وضوحه لا ينقصه غموضٌ، ويَشْكَلُ على كثيرين.
ويتوجّب عليَّ المحافطة على صموده في داخلي. بالصمود أعني عدم سقوط رايته على الأرض، والحفاظ عليها مرفوعة عالياً تطاول السماء. الجحود والنكران هما العدوان اللذان عليَّ إلحاق الهزيمة بهما.
المشكلةُ التي لم أستطع التغلب عليها في حربي، هي أنني كلما تمكنت من إلحاق الهزيمة بالجحود والنكران في محور، ظهرا لي في محور آخر. وكلما سعيت للقضاء عليهما، برزا لي مجدداً، مثل أفعي بعدة رؤوس. لكني كلما رأيت غيري يسقط تحت زحفهما، يزداد إيماني رسوخاً بقدرتي على التصدي والصمود.