حـديـث الثـلاثـاء
بقلم/ مفتـــاح قنــا
تكلمنا في العدد الماضي عن التهميش، وشرحنا ما يعانيه المواطن الليبي من صعوبات حياتية يسميها “تهميش” وهي في الواقع لصوصية واضحة وسرقة لأموال الدولة في رابعة النهار من طرف مسؤولين رسميين تحولوا إلى تجار يمتهنون تهريب العملة الصعبة للخارج تحت ستار التجارة أو التكسب من وظائفهم العامة استعدادا للمغادرة والهروب بعيدا عند فضحهم.
التهميش فرصة لبعض الانتهازيين الراغبين في الوصول إلى المناصب القيادية العليا، فيرفعون لواء محاربة التهميش، والبحث عن مصالح الجهة أو الإقليم بغية الظهور بمظهر الزعيم الجهوي أو القبلي المنقذ والحريص على تحقيق مصالح منطقته أو جهته أو إقليمه، وبعد أن يصل إلى هدفه يظهر الأمر على حقيقته، وقد تكرر هذا من عدد من الجهويين ولعل أوضح مثال على ذلك تجربة المدعو “الجظران” الذي وصل به الأمر إلى إعلان قيام نظام فدرالي وتأسيس حكومة خاصة به، و دغدغة عواطف البسطاء بوعود الثروة والعيش الرغيد، وكل ما تحقق له هو تكديس الملايين التي سرقها أو ساوم للحصول عليها من الحكومة الضعيفة التي لم تكن قادرة على اقتلاعه ليس لضعف منها فقط، بل لاعتبارات جهوية تخشى من تفاقمها.
ومازال هناك عدد من الجهويين يرفعون هذه الأيام راية التهميش للوصول لنفس الغاية أو للمساهمة في استمرارهم في مناصبهم القديمة، لا يعمل أي منهم على قيام تنمية حقيقية في مناطقهم لمساعدة المواطنين وتحسين الأوضاع المعيشية، لأن قيام تنمية حقيقية وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطن سيلغي اسطوانة التهميش التي هي (سلم الوصول للمناصب القيادية) لديهم، لذلك نراهم يصمتون عن كل شيء عند تحقق المصلحة الخاصة بهم، ويظهرون على الفضائيات بمظهر الرجل الوطني الحريص على توحيد البلاد، ثم ينقلبون إلى النقيض بمجرد أن تمس بعض ميزاتهم، يقيمون (بشرم الشيخ) أو ضاحية قـمرت التونسية حسب أهوائهم السياسية.
ليعلم المواطن الكريم أن الصعوبات الاقتصادية الكبرى التي يواجها الناس في مختلف سبل الحياة من انقطاع للكهرباء، أو شٌح في السيولة، أو ارتفاع في الأسعار، ما هي إلا انعكاس واضح لفقدان التنمية في مختلف المناطق الليبية شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، فدولة نفطية قليلة السكان مثل ليبيا لا ينبغي أن تكون بها مثل هذه المشاكل التي تجاوزتها حتى الدول الفقيرة، فعلى المواطن الكريم المطالبة بقيام مشاريع تنموية لتوفير فرص عمل حقيقية لأبنائه و أن يبتعد عن طلب التعيين في وظائف وهمية تساهم بمرتباتها الهزيلة في زيادة حجم التهميش.