منصة الصباح

حول  برنامج اصلاح دعم الوقود : المآخذ ، وافاق القيام باصلاح حقيقي يخدم الاقتصاد الوطني :

 د. محمد ابوسنينةً

 

مع كل اسف انتظرنا طويلا اصلاح دعم المحروقات ، وها هي ملامح المعالجة المطروحة بدات تظهر مخيبة للامال ، فقد اسست المعالجة على اعتبارات سياسية مرحلية اكتر من تاسيسها على عوامل اقتصادية واجتماعية حتى يمكن نسميها اصلاح  حقيقي للدعم .أول ماخد على المعالجة المطروحة هو ربط رفع الدعم بدفع علاوة العائلة، وكأن علاوة العائلة كفيلة بتصحيح الخلل في توزيع الدخل والتفاوت الشديد في مستويات معيشة بين الليبيين وانها سترجع للطبقة الوسطى ، التي تكاد تكون تلاشت ، اعتبارها . الماخذ التاني لم يفكر الساسة ومستشاريهم في المناطق الناءية في جنوب البلاد والمناطق الجبلية والكثير  من المناطق في شرق البلاد التي تفتقر لمياه الشرب والمناطق التي يتعذر اصلا توصيل الوقود  اليها قبل ان يهرب  وذلك لاعتبارات امنية واجتماعية لازالت خارج السيطرة  ، وندرة الوقود حتي باسعار السوق السوداء واعتماد الكتير من المناطق على شراء مياه الشرب التي تاتي اليهم من مناطق بعيدة من المتوقع ان ترتفع اسعارها نتيجة للارتفاع المتوقع في اسعار الديزل ، الامر الذي يهدد بتضاعف اسعار الوقود المتضاعفة اصلا الى حد استحالة شراءه وتضاعف اسعار المياه . الماخذ الثالث والاهم هو ان مهندسي اصلاح الدعم وفقا للمطروح والمسرب اليوم قد فات عليهم الارتباط الشديد بين سعر الصرف وسعر الوقود ، بمعنى ان اصلاح الدعم يرتبط   ارتباطا هيكليا باصلاح سعر الصرف الذى لا يختلف اثنان على انه مشوه وبه خلل كبير والدليل هو وجود ثلاتة اسعار للصرف في الوقت الحاضر ( سعر الصرف الرسمى ، وسعر الصرف الرسمى مضاف اليه رسم بنسبة 163% وسعر الصرف في السوق الموازى ) ، وقد كان على مهندسي  برنامج رفع الدعم بدل الجهد والسؤال عن سعر الصرف التوازني ( او العادل ) للدينار الليبي الذى تقوم عليه محاسبة التكاليف في ليبيا باعتبار ان ليبيا دولة مستوردة لكافة السلع الاستهلاكية ، بما في ذلك الوقود ، والسلع الانتاجية  وحتى الخدمات . ياترى ماهو سعر الصرف الذى سوف تستخدمه شركة البريقة عندما تستورد الوقود من الخارج ؟ الماخذ الثالث هو اللجوء لرفع الدعم في خطوة واحدة ونهائية  خلافا لمعظم التجارب التي خاضتها دول اخرى في اصلاح دعم الوقود برفعه تدريجيا وعلى مراحل ، وحجتهم ان الرفع التدريجي يحتاج لحكومة راتبة ومستقرة !!!  بحيت يمكنها متابعة الموضوع ، والسوال الذي يطرح نفسه هو هل تستطيع حكومة ليست راتبة او موقتة تحمل مسؤلية رفع الدعم ، الذى تعود عليه الناس لاكتر من نصف قرن ، دفعة واحدة ؟ وهل ستتمكن الحكومة من معالجة الخلل الاجتماعي الذى قد يترتب على القدوم على هذه الخطوة . وما هي الضمانات القانونية والدستورية لتنفيد كافة ماورد بهذا البرنامج المقترح .الماخذ الرابع هو السياسات المصاحبة لرفع الدعم لتخفيف اعباءه على القطاع الخاص الصناعي ، حيت تسرب ضمن هذا البرنامج اعفاء القطاع الصناعي من ضرائب الدخل والرسوم الجمركية وحتى دفع الضمان الاجتماعي عن العاملين بهذا القطاع من قبل الخزانة العامة ،  واذ نؤيد دعم القطاع الخاص وتدليل الصعاب امامه ، ولكن لا ينبغي ان يكون ذلك على حساب القطاع العائلي او المستهلكين ، لان هذا البرنامج يعني رفع او تخفيف عبء رفع دعم الوقود عن القطاع الصناعي وعدم دفع بدل نقدي للقطاع الاستهلاكي تعويضا عن رفع الدعم ، وتكون نتيجة هذا الاجراء اعادة توزيع للدخل من المستهلكين الى المنتجين ، الامر الذي يتنافى مع مبدا العدالة الاجتماعية . وحجة مهندسي هذا البرنامج هو  ان صرف علاوة العائلة يعوض الاسر عن الارتفاع  المتوقع في اسعار الوقود ( البنزين والديزل وغاز الطهي ) . متناسين ان علاوة العايلة قد فرضت بقانون وان دفعها لا بد منه سواء رفع الدعم عن الوقود او بقى على ما هو عليه !!!!

الماخذ الخامس على البرنامج المطروح لمعالجة الدعم ، هو استثناء الوقود الذي تستهلكه الشركة العامة للكهرباء وتستهلكه الموسسات الحكومية من رفع الدعم ، بمعنى ان هذه الجهات سوف تستمر في الحصول على الوقود باسعار مدعومة، وهنا يكمن الداء ، في ظل الفساد المستشري في كافة القطاعات والاستهلاك غير المرشد للوقود ، سيكون هناك تشوه اقتصادي كبير في هذا المجال ،لايقل خطورة عن التشوه والفساد المصاحب لاعفاء او استثناء مشتريات الحكومة من الخارج من الرسم المفروض على سعر الصرف ، والتداخل الكبير بين ماهو مستورد للحكومة وما هو مستورد للقطاع الخاص عندما يقوم القطاع الخاص بالاستيراد للحكومة ، والصعوبات التي ترافق ادارة سعر الصرف في هذا المجال .

تأسيسًا على ما سبق ذكره ، نرى ان تصحيح دعم الوقود يعتبر مطلب اقتصادي وطني مشروع لايقاف الهدر في الموارد ومنع تهريب الوقود واهمية توصيل سلعة الوقود للمستهلكين في مختلف مناطق ليبيا بنفس السعر ، بحيت يتم ذلك وفقا للاتي :

_ ان يرتبط او يتلازم اصلاح دعم الوقود باصلاح سعر صرف الدينار الليبي .

_ ان يتم رفع الدعم بالتدريج ، اي على تلات مراحل ، وصولا للرفع الكامل للدعم .

_ ان يتم دفع بدل نقدي للمستهلكين الليبيين الذين يستحقونه ، تعويضا لهم عن الارتفاع الذي سيطرا على اسعار الوقود واسعار السلع ، تتحدد قيمته على اساس سعر الصرف بعد اصلاحه والعمل بسعر صرف توازني موحد لجميع القطاعات والاغراض .

– يجب ان يشمل اصلاح الوقود ، الوقود المستعمل من قبل كافة القطاعات ، بما في ذلك الشركة العامة للكهرباء والمؤسسات الحكومية بدون استثناء .

_ اصلاح واعادة هيكلة قطاع الكهرباء ، بهدف تخفيض تكاليف التشغيل وضمان استمرار توليد وتوزيع الطاقة وتحصيل مقابل استهلاكها ، وفتح المجال امام القطاع الخاص للخوض في مجالات توليد الطاقة وتوزيعها والاستثمار في الطاقات الجديدة والمتجددة .

_ وضع برنامج محكم يضمن توصيل الوقود الى كافة المناطق وبشكل انسيابي وامن ، بحيت يباع الوقود من خلال محطات التوزيع فقط .

_ تحصيل كافة الديون المترتبة على محطات التوزيع  او ما يسمى جعل بيع الوقود بحيت يورد للخزانة العامة دون ابطاء ، والقضاء على الفساد في هذا المجال .

_ العمل بجدية على توفير وسائل نقل عامة منظمة ، تغنى الناس عن استعمال سياراتهم الخاصة ، وتقديم هذه الخدمة باسعارها الحقيقية غير المدعومة .

_ وضع برنامج لصرف علاوة العايلة المقررة بموجب قانون صدر عن الموتمر الوطني في تاريخ سابق ، باعتبارها حق مكتسب ، ولا علاقة لها باصلاح دعم الوقود .

– نؤيد ونؤكد على ضرورة وضع شبكة للحماية ، الاجتماعية  ، وفقا لما تم اقتراحه في السابق ، للحد من تدهور مستويات المعيشة للفئات الهشة ، ولاحد بيد من هم عند خط الفقر والعاطلين عن العمل ومن يجب على المجتمع رعايتهم .

 

 

شاهد أيضاً

المنفي يبحث عودة السفارة الصينية واستئناف عملها بطرابلس

  ناقش رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، عودة السفارة الصينية واستئناف عملها بالعاصمة طرابلس. جاء …