منصة الصباح

كم ثلاجة بعد سنفتح؟ وكم جثة سنعد؟ وكم قلب سينهار؟

ايناس احميدة

ثمانية وخمسون جثمانًا مجهول الهوية.. رقم جديد يخرج من رحم الفاجعة، هذه المرة من ثلاجة تبريد في مستشفى الحوادث بأبوسليم.

قبلها كانت الأرقام في مستشفى الخضراء، وفي تنور وسط فناء بيت وفي ترهونة ومصراتة وبنغازي وسبها.. مدن تحولت فيها الحياة إلى غرف انتظار طويلة، تنام فيها الأمهات بعيون مفتوحة على الرجاء.

كم بيت في ليبيا فقد عزيزًا؟ كم بيت حُرم من أب أو أخ أو ابن أو أبنة؟ كم أم كُسر قلبها، وكم طفل كبر يتيمًا دون حتى قبر؟

كم مسؤول تنصّل؟ وكم مجرم لا يزال طليقًا؟ وكم ملف إجرامي فُتح ولم يقفل؟

كم مرة صرخ الليبيون: “أين أحباؤنا؟” ولم يرد عليهم أحد.

أن تفقد من تحب شيء، وأن لا تعرف أين هو، شيء آخر أشد قسوة.

أن تعلم بعد سنوات من البحث أن من انتظرته عاد إليك جثة في ثلاجة مستشفى أو دفن في حفرة مجهولة أو بقايا جسد تحت أنقاض بناء… تلك مأساة بلد لم تعترف بعد بكل مآسيها.

كل هذه البشاعة، ماذا ستخلّف سوى مزيد من البشاعة؟

أمهات غير متوازنات، أبناء مشوهون بالداخل، أسر مكبوتة، قلوب معطوبة، غضب ينتظر شرارة.

وكل هذا الغبن… لا ينتج منه إلا حريقًا آخر، وعددًا جديدًا في سجلات الجثث مجهولة الهوية.

هذه البلاد تستحق أن تتذكر، أن تحزن، أن تحاسب.

لا تتركوا الأم تبكي وحدها في رواق المستشفى، ولا الطفل ينتظر عند حافة الباب.

هذا ليس مجرد رقم.. هذا وطن يُرمى في الثلاجات وفي مقبرة جماعية….

شاهد أيضاً

الدبيبة يشدد على تسريع تنفيذ “عمار طرابلس” والالتزام بالجودة

الدبيبة يشدد على تسريع تنفيذ “عمار طرابلس” والالتزام بالجودة

عقد رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، اجتماعًا موسعًا لمتابعة تنفيذ مشاريع برنامج “عمار طرابلس”، …