منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية
مقالات مشابهة
سالم البرغوثي
ارتبط مفهوم الطغيان عن عامة الناس بالحاكم المستبد الذي يفرض قوانينه أو مساره السياسي بالقوة وتصفية خصومه بالقتل والتهجير والسجن والإخفاء
وتتصف المجتمعات الشرقية بصورة خاصة بأنها بئة قابلة ومشجعة لنمو الطغيان .
ومن خلال تطور أنظمة الحكم وأشكاله عبر التاريخ وخصوصا بعد ثورات الربيع العربي ظهر مفهوم أخر للطغيان نتج عن ضعف سلطة الدولة على مقدراتها وعدم سيطرتها على الاجهزة التابعة لها أدى إى نشوء قوى مادية تتحكم في رأس المال وتسيطر على تجارة تهريب البشر والوقود والذهب والسلع الغذائية والأدوية .
ولكي تستمر السلطة في البقاء كان عليه التماهي مع هذه القوى والتعامل معها بحذر وإبقائها في دائرة السلطة كي لا تخلق أي أزمة إقتصادية تذهب برأس النظام أو تلجأ إلى خيار الصدام واستخدام القوة ضد هذه المراكز لتقويضها وتفكيكها أو الحد من سطوتها .غير أن هذا الخيار قد يؤدي إلى منزلق خطير ربما يؤدي للإطاحة برأس النظام ويخلق الكثير من الازمات الأقتصادية والاجتماعية .
في تونس بعد تولي قيس سعيد مقاليد الحكم عبر صناديق الانتخابات وانطلاقا من تأييد الشارع التونسي له .أراد الرئيس قيس رفع شعار العدالة الإجتماعية والقضاء،على البطالة والفقر واتخذ،مجموعة من التدابير الاستثنائية بحل البرلمان وإقالة الحكومة وحل المجلس الأعلى للقضاء وتحول النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي يتمتع فيه الرئيس بصلاحيات واسعه تم بموجبه اعتقال وتوقيف نشطاء سياسيين بتهم التآمر على أمن الدولة .
غير أن حسابات الرئيس وشعارته لم تنجح في إصلاح النظام الإقتصادي ولا في مكافحة الفساد ولا في حل الأزمة الأقتصادية بعد سحب معظم رجال الأعمال أموالهم من البنوك التونسية للخارج نتيجة لعدم الاستقرار السياسي للدولة .
وبغض النظر عن المشهد السياسي في تونس أو في دول الربيع العربي ومحاولة بناء نظم سياسية بديلة عن الأنظمة الدكتاتورية وهي محاولات خجولة في حقيقتها لأن مفهوم الطغيان يتمدد في أوصال الدولة من الداخل في أجهزتها الأمنية والأقتصادية وفي قوانينها ونظمها الإجتماعية ومراكز القوى الخفية من رجال أعمال ومتنفذين وأثرياء مابعد الربيع ولجان العلاج بالخارج وشركات الأدوية والسلع الغذائية والتي يمكنها قتل المواطن وإذلاله وإفقاره وهروبه في قوارب الموت بحثا عن الأمن والاستقرار والعدالة الإجتماعية .
