منصة الصباح

أَيْنَ الأقْلامُ اللِّيبيَّةِ البَارِزَةِ مِنَ البُودْكَاستِ؟

شهدت مسيرة الإعلام في ليبيا كما -في كل دول العالم- تحولاً واضحاً نحو المنصات الرقمية، حيث بات البودكاست وسيلة مفضلة للكثير من الشباب والإعلاميين للتعبير عن آرائهم ومناقشة قضايا مجتمعية وسياسية وثقافية مختلفة، إلا أن هذا الحراك -رغم أهميته وحيويته- لا يزال يفتقد إلى أسماء بارزة من كبار الكتاب والصحفيين الذين تركوا بصماتهم على صفحات الصحف لعقود.

العديد من الشباب الليبيين ممن ينتمون إلى الجيل الجديد، أطلقوا برامج بودكاست تناقش مواضيع متنوعة، لكن من اللافت أن جُل هؤلاء لا ينتمون إلى فئة الكتاب الصحفيين الكبار الذين تشكل آراؤهم مرجعية في الوسط الإعلامي، هؤلاء الكتاب لا يزالون يفضلون المنابر التقليدية مثل الصحف والمجلات، وربما القنوات التلفزيونية، كوسيلة للتواصل مع الجمهور، بينما يتحرك الشباب بحرية في فضاء البودكاست، مستفيدين من مرونة هذه الوسيلة وقربها من الجمهور.

المتابع للتجارب العربية والعالمية سيلاحظ أن العديد من الأسماء الصحفية الكبيرة انتقلت إلى هذا الشكل الجديد من الإعلام، ففي المغرب أطلق الكاتب الصحفي “توفيق بوعشرين بودكاست أسماه “كلام في السياسة” ليكون زاوية تحليلية بديلة عن المقالات الصحفية التقليدية.

وفي مصر أطلق الصحفي إبراهيم عيسى بودكاست “مختلف عليه” يتناول فيه قضايا فكرية وسياسية بأسلوبه الساخر والمباشر، استمراراً لرحلته الإعلامية في التلفزيون والصحافة المكتوبة… وغيرهم من الكتاب الصحفيون العرب الذين لجؤوا إلى البودكاست ليطلوا على جمهورهم العربي الذي اعتزل قراءة الجرائد والمجلات وفضل الاستماع بدلاً عنها.

وأما على المستوى العالمي، فيعد الصحفي الأمريكي مالكولم غلادويل من أبرز الأمثلة على نجاح الكتاب الصحفيين في عالم البودكاست، حيث أطلق برنامجه” إعادة تفسير التاريخ” الذي يعيد فيه النظر في أحداث تاريخية بزوايا تحليلية جديدة، بأسلوب مشوق لا يقل تأثيراً عن مقالاته في مجلة “ذا نيويوروك”، كذلك الحال يقدم الصحفي البريطاني لويس ثيرو بودكاست اطلق عليه اسم “رصين”، حيث يجري مقابلات مع شخصيات بارزة، معتمداً على مهاراته الاستقصائية وقدرته على طرح أسئلة جريئة.

فمتى سنرى أسماءً بارزة في عالم الصحافة الليبية يقدمون برامج بودكاست خاصة بهم؟ لدينا أسماءً بارزة في عالم الصحافة مثل: عبدالرزاق الداهش، محمود البوسيفي، منصور بوشناف، وإيناس احميده، ومحمود السوكني، عبدالله خويلد، ومحمد اسويسي، … وغيرهم الكثير، ربما يكون الوقت قد حان لهؤلاء الكتاب لخوض هذه التجربة، حيث يمكن لأصواتهم أن تصل إلى جمهور جديد وواسع وأكثر تفاعلًاً أيضاً؛ جمهور لا يفضل قراءة المقالات، بقدر ما يميل إلى الاستماع، وإلى التفاعل، بل والمشاركة في النقاش أيضًا.

البودكاست ليس مجرد موجة عابرة، بل هو مساحة إعلامية تتسع يوماً بعد يوم، وقد يكون هو الجسر المتين الذي يربط بين أجيال الكتاب والمستمعين في ليبيا، ليحمل صوت كبار الصحفيين من صفحات الجرائد إلى فضاء الأثير الرقمي الذي أصبح جمهوره يتجاوز بكثير جمهور كل ما هو مقروء.

د. علي عاشور

شاهد أيضاً

حبس مسؤولين بمركز غسيل الكلى الأبيار

  أمرت النيابة العامة بحبس مدير مركز غسيل الكلى – الأبيار، ومسؤول المراجعة الداخلية، والمراقب …