منصة الصباح

أرض الميعاد

أرض الميعاد
___

منصور بوشناف

بعيدا عن كل الشعارات والذرائع الدينية والعرقية ظلت أرض الله لله, وظل البشر ينتشرون في مناكبها غزاة مستوطنين او هاجين مشردين من شتات لشتات .
أرض الله كاملة ظلت ارضا موعودة لكل أمة أيا كان عدها وعتادها, فما من قبيلة ولا أمة, وما من ديانة “إلا ماندر” إلا وبشرت أبناءها او أتباعها بأرض الله كاملة كأرض موعودة لهم.
أرض الميعاد ليست حلما ولا خرافة تخص اليهود كما يروجون, بل هي حلم وخرافة كل الأمم والخرافات وحتى الأديان .
كانت التجمعات البشرية الأولى وهي تغادر حياة القطاف وتنتقل لمرحلة أخرى من رحلتها الملحمية على وجه ألآرض قد ظلت تحن الى “فردوس القطاف المفقود” حيث كانت الوفرة والقطوف ألدانية وتحلم بالعودة اليه كأرض ميعاد أو فردوس مضيع, لذا كانت الملاحم ألكبيرة في تاريخ ألإنسانية تصور غالبا رحلة العودة الى تلك ألأرض المفقودة أو البحث عن أرض جديدة موعودة إكتشافا أو غزوا للاستيطان, أو حتى بالحج اليها .
أرض الميعاد تحولت إلى ” مسقط رأس ” ثم الى وطن, وأيضا الى “فردوس مفقود”
إن غادرناه نحلم ونسعى للعودة اليه, إن رحلة يوليسس ليست إلا رحلة الإنسانية للعودة إلى ألوطن, الى “أرض الميعاد” .
من بين الأديان السماوية تنفرد الديانة اليهودية بعقيدة ” ديانة العرق الخاصة” ألتي تشترط رابطة الدم كي تكون يهوديا كاملا, هذا الشرط سجن الديانة اليهودية في عرق محدد وأرض ميعاد واحدة ولم يجعل كالإسلام والمسيحية “ارض ميعاده” كل ارض الله ومعتنقوها تربطهم العقيدة وليس العرق أو الدم , لذا صار انتشار اليهودية في ألأرض شتاتا وجعل ارض الميعاد “جيتو” مغلق, يرفض سكانه الاندماج في المجتمعات ألأخرى, ينبذون ألأخر المختلف عنهم “عرقا” وليس دينا فقط .
أرض الميعاد ألأسلامية مثلا للمسلمين بمختلف اعراقهم وكذا المسييحية ولذا لا تتناقض مع دولة الأعراق المختلفة والديانات المختلفة وتقبل بها و لا تفرض على معتنقيها “جيتو” اجتماعي
بل تنظم التعايش بين أطياف ومكونات مواطنيها وإن اختلفت اعراقهم ومعتقداتهم .
أرض الميعاد اليهودية التي اخذت عبر تاريخ طويل من الشتات والاضطهاد الذي عاناه اليهود شكل “جيتو” مغلق ومحرم على ألآخر ويعيش رعب التهديد من ألآخر ولذا لم يؤسسوا دولة, بل اسسو “جيتو” يعيش رعب الفناء على يد ألآخر الذي طردوه من ارضه لبناء هذا “الجيتو” الذي لا مستقبل له إلا بالقضاء على هذا ألآخر الفلسطيني, القضاء عليه ليس كهوية او كدين فقط بل بالإبادة بمعناها العرقي والديني فليس بإمكانك أن تكون “يهوديا” حتى لو تهود دينك وثقافتك مادام لا يجري دم أم يهودية في عروقك “حسب الدين اليهودي” .
“خيار شمشون” العدمي, هو الخيار الإسرائيلي الثابت الذي يعرف ان ” دليله ” الفلسطينية لن تتوقف عن نتف شعره خصلة خصلة وشعرة شعرة .حتى وان واصلت “أمريكا” زرع هذا الشعر وحتى إن واصل أشقاء الفلسطينيين من العرب ريه بالزيوت..
الأنتحار الجماعي خيار إسرائيل رغم كل مظاهر التقدم والديمقراطية, إن سؤال هاملت الوجودي هو سؤال إسرائيل منذ تأسيسها “أكون أو لا أكون” والذي سيظل هاجسها الوجودي ألذي عاشه اليهود قتلا واضطهادا عبر عصور شتاتهم الطويل فأوروبا حاربتهم واضطهدتهم على نحو مريع فقبل الهولوكوست النازي وفي المرحلة “الماركنتلية” كما يعرفها علماء ألأقتصاد حاربت أوروبا التاجر اليهودي وصورته كمراب قذر مستغل يجب تصفيته من السوق, نرى ذلك واضحا وعالي النبرة في “تاجر بندقية ” شكسبير و ” يهودي مالطا ” لكرستوفر مارلو وغيرها الكثير بل وفي مستوطنات العقاب لكافكا , ولتكون الاندلس والمسلمين حاميهم وملاذهم .
“مذبحة جبل الموساد” التي تمت لليهود بأيد اليهود تبدأ من فلسطين وتنتهي في فلسطين.

شاهد أيضاً

زيادة الوزن وطريق الموت

مع شاهي العصر: توجد دولة في جنوب أمريكا اسمها بوليڤيا بها شارع يعد أخطر شارع …