منصة الصباح

ٍفي ذكرى الاستقلال

أحلام محمد الكميشي

 

 

 

فردية أو متوازية كل منها تقول عن نفسها أنها فقط الشرعية.

(إنه الرابع والعشرون من شهر ديسمبر، تجربة تقترب من ثلاثة أرباع القرن، تقلبت فيها البلاد بين مملكة ليبية متحدة ومملكة ليبية وجمهورية فجماهيرية وتعاقبت عليها حكومات وسلطات انتقالية)

تغيرت فيها العاصمة من طرابلس وبنغازي إلى البيضاء إلى سرت ثم عادت لطرابلس قبل أن تنقسم الدولة بصورة غير رسمية إلى شرق وغرب.

وتغير فيها النشيد والعلم، ثم عاد نشيد وعلم المملكة لينحصر الآخر في مناطق محددة وجماعات بعينها مع ظهور لأعلام تمثل مكونات اجتماعية وثقافية.

وتغير فيها المصرف من بنك ليبيا الوطني إلى بنك ليبيا المركزي إلى مصرف ليبيا المركزي، بغض النظر عن تغير مفهوم ودور المصرف أساسًا، وتغيرت فيها العملة من الجنيه الصادر في يناير 1952م، بقيمة 2.8 دولار، إلى الدينار الصادر في يناير 1971م، بسعر صرف رسمي أو في السوق الموازي تذبذب صعودًا وهبوطًا وصولا إلى سعر صرف يبقي الدينار الليبي في أسفل السلم مقارنة بالإسترليني والدولار واليورو وحتى الدينار التونسي.

تجربة ثرية بدأت فيها أول انتخابات عامة في فبراير 1952م، ثم حُظرت الأحزاب السياسية خلال العهد الملكي، ليتواصل حرمان الشعب من حياة حزبية صحية وطبيعية حتى دخل الجميع في ديربي حزبي دون ثقافة حزبية أو سياسية تمكنهم من السير على أرضية واضحة المعالم بعد 2011م ليجتازوا انتخابات يوليو 2012م، ثم انتخابات يونيو 2014، التي جاءت بمجلس النواب الذي مازال إلى اليوم.

خلال 18 سنة بعد الاستقلال أنتجت هذه التجربة 11 حكومة، وأفرزت منذ 1977م نظام المؤتمرات الشعبية ومؤتمر الشعب العام الذي انحصرت فيه السلطة التشريعية كليًا أو شكليًا بديلا عن مجلس الأمة بغرفتيه (النواب والشيوخ)، وتعددت اللجان الشعبية وأمنائها، وصولا إلى عودة المسميات الوزارية بعد 2011م، فيما تتركز السلطة الفعلية في أيدي أشخاص بعدد أصابع اليد الواحدة مع إشراف دولي مثّله عدد من المبعوثين الأمميين بدءً من “عبد الإله الخطيب” وصولاً لـ”عبد الله باتيلي”.

مشوار طويل تخللته تقلبات اقتصادية مرهقة وتحديات دولية وحظر وعقوبات وحروب أهلية طاحنة استنزفت البلاد مع تدخل أجنبي علني وسري يضاف له شبح انقسام لم يغب لحظة عن مجريات الأحداث.

وسعيًا لانتخابات تأخرت عامين، وتأتي بحكومة ترضي الجميع، وعلى خطى “بلت” يبذل السيد “باتيلي” جهودًا حثيثة للتوفيق بين خمسة أطراف تستحوذ على المشهد السياسي الليبي، داعيًا كلا من المجلس الرئاسي، مجلس النواب، المجلس الأعلى للدولة، حكومة الوحدة الوطنية، والقيادة العامة، إلى اجتماع خلال الأيام المقبلة، في ماراثون يذكرنا بما قام به السيد

“أدريان بلت” الذي سابق الزمن لتنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 289 لسنة 1449م، القاضي بمنح ليبيا استقلالها في موعد لا يتجاوز 1 يناير 1952م.

تعددت المناسبات التي استقلت فيها البلاد، وفي الذكرى الثانية والسبعون للاستقلال المعلن من شرفة قصر المنار ببنغازي، أتطلع إلى تنظيم ورش عمل وندوات أكاديمية ومؤتمرات بحثية حقيقية تدرس كل جوانب وتفاصيل التجربة الليبية من أول خطوة للسيد “أدريان بلت” إلى أحدث خطوات السيد “باتيلي” لعلنا نفلح في استخلاص العبر وصناعة التغيير وتحقيق الاستقلال.

 

شاهد أيضاً

زيادة الوزن وطريق الموت

مع شاهي العصر: توجد دولة في جنوب أمريكا اسمها بوليڤيا بها شارع يعد أخطر شارع …