الصباح
كشفت دراسة حديثة أجرتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة عن وجود تباين ملحوظ في هيكل القوى العاملة بين الجنسين بالمؤسسات الحكومية الليبية، فبينما تشكل النساء نسبة كبيرة تصل إلى 46% من إجمالي العاملين، لا يزال تمثيلهن في المناصب القيادية محدودًا بشكل لافت، وذلك وفقًا للنتائج التي عُرضت خلال جلسة نقاش عبر الإنترنت نُظمت بتيسير من الأمم المتحدة في شهر أبريل المنصرم.
فعالية أممية تناقش تحديات المرأة في القطاع العام
في سياق متصل، استضافت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وهيئة الأمم المتحدة للمرأة فعالية خاصة للاحتفاء باليوم الوطني للمرأة الليبية، هدفت الفعالية إلى تعزيز الحوار وتبادل الآراء حول أبرز التحديات التي تواجه المرأة العاملة في القطاع العام وسبل تجاوزها، وقد شهدت مشاركة رفيعة المستوى، تمثلت في وزيرة الدولة لشؤون المرأة، الدكتورة حورية طرمال، وممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في تونس وليبيا، فلورنس باستي، بالإضافة إلى مشاركة فاعلة لأكثر من سبعين امرأة ليبية ينتمين إلى مختلف مناطق البلاد.
وزيرة الدولة تدعو إلى تضافر الجهود لتمكين المرأة
خلال مداخلتها في الفعالية، أكدت الدكتورة طرمال على الأهمية القصوى للتعاون المشترك وتوحيد الجهود على المستويين الدولي والمحلي من أجل تحقيق التمكين الشامل للمرأة الليبية، ودعت نساء ليبيا إلى “التكاتف في جميع القضايا، سواءً كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية”، معربة عن تفاؤلها وثقتها في تحقيق هذا الهدف المنشود من خلال العمل الجماعي وتهيئة بيئة آمنة ومحفزة للمرأة في مختلف المجالات.
الأمم المتحدة تؤكد على ضرورة ترجمة الدراسات إلى سياسات وممارسات
من جهتها، شددت باستي على أهمية الانتقال من مجرد رصد التحديات في الدراسات إلى وضع سياسات عملية قابلة للتطبيق وترجمتها إلى ممارسات ملموسة على أرض الواقع. وأشارت إلى ضرورة “تعزيز الحوكمة المؤسسية، وتطبيق أنظمة ترقية عادلة وشفافة تعتمد على الجدارة والكفاءة، وتوفير بيئات عمل آمنة وداعمة لاحتياجات المرأة”. كما أكدت على التزام الأمم المتحدة بمواصلة الاستماع إلى أصوات النساء، وخاصة العاملات في الخطوط الأمامية للخدمة العامة، اللاتي يمتلكن “التفاني والمرونة والرؤية” اللازمة للمساهمة الفعالة في عملية إعادة بناء ليبيا.
دراسة تكشف عن معوقات اجتماعية وضعف إنفاذ القوانين
قدمت المحامية والناشطة البارزة في المجتمع المدني، هالة بوقعيقيص، عرضًا تفصيليًا لأبرز نتائج دراسة هيئة الأمم المتحدة للمرأة، وقد سلطت الدراسة الضوء بشكل خاص على التحديات المتعددة التي تواجه المرأة العاملة في القطاع العام، والتي تشمل جملة من المعوقات الاجتماعية والثقافية التي تحد من تقدمها، بالإضافة إلى ضعف آليات إنفاذ القوانين الحالية التي تهدف إلى حماية حقوقها وضمان تكافؤ الفرص، فضلاً عن التوزيع غير المتكافئ للقوى العاملة النسائية وتركزها في قطاعات وظيفية محددة دون غيرها.
تركز النساء في قطاعات تقليدية وتمثيل ضعيف في المناصب القيادية
أظهرت نتائج الدراسة ارتفاعًا ملحوظًا في تمثيل النساء في قطاعات معينة تعتبر تقليديًا مجالات عمل نسائية، مثل قطاع التعليم (70%) وقطاع الصحة (63%). في المقابل، لا يزال تمثيل المرأة ضعيفًا للغاية وغير متناسب مع حجم مشاركتها العامة في مجالات أخرى حيوية مثل قطاع الدفاع (4%) وقطاع الشؤون الداخلية (7%). والأهم من ذلك، أكدت الدراسة على أن هذا الحضور الكبير في بعض القطاعات لم ينعكس بشكل إيجابي على تمثيل المرأة في المناصب القيادية العليا، حيث تتركز الغالبية العظمى من النساء في أدوار إدارية ذات مستوى أدنى، مما يعيق بشكل كبير وصولهن إلى مواقع صنع القرار المؤثرة على مستوى المؤسسات الحكومية.
دعوات لإعادة تقييم الأطر القانونية وتعزيز آليات التنفيذ
في ضوء هذه النتائج والتحديات، دعت الدراسة إلى ضرورة إجراء إعادة تقييم شاملة للأطر التشريعية والقانونية المعمول بها في ليبيا، بهدف تطوير آليات تنفيذ فعالة تضمن استفادة المرأة من حقوقها القانونية وتعزيز تمكينها الحقيقي في بيئة العمل، كما أوصت الدراسة باتخاذ تدابير عملية وملموسة، مثل وضع خطط واضحة ومستدامة للتطوير المهني للمرأة العاملة، وتطبيق أنظمة ترقية عادلة وشفافة تستند بشكل أساسي إلى معايير الجدارة والكفاءة، بالإضافة إلى تعزيز قدرات مكاتب تمكين المرأة داخل مختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية لضمان قيامها بدورها الفعال في دعم حقوق المرأة، علاوة على ذلك، شددت الجلسة الإلكترونية على الأهمية البالغة لإجراء دراسات شاملة ومنتظمة تهدف إلى فهم الاحتياجات الحقيقية للموظفات بشكل أفضل والعمل على تحسين ظروف عملهن بما يضمن توفير بيئة عمل منتجة وعادلة ومحفزة للجميع