نقطة بيضاء
د. ابولقاسم صميدة
يشفع للسيدة المستشارة ميركل انها ألمانيه ، فنساء المانيا قمن بعمل جبار لإعادة بناء المدن الألمانية التى دمرتها الحرب العالمية الثانية ، كن يقفن فى طوابير طويله وهن يزلن الركام وينظفن الشوارع أو يطفئن الحرائق او ينقلن المصابين او يوزعن القليل من الطعام على الجياع ، نساء ألمانيا وطنيات حتى النخاع ، لذا فالسيدة ميركل تنتمى الى المانيا الحقيقية ، فهى حين تواجه أمريكا أو بريطانيا أو روسيا فهى تفعل ذلك قولا وفعلا وليس عبر تويتر والفيس بوك ، فى ايطاليا وزراء جاءت بهم مواقع التواصل الاجتماعى ، وفى فرنسا رئيس ووزراء حملهم تويتر والفيس الى سدة الرآسة ، ترامب نفسه جاءت به مواقع التواصل ، نصف وزراء اوروبا وخصوصا الطليان ( فيسبوكيين ) وهذا ليس عيبا ، ولكن فى علم السياسة ودهاليزها لا يثمر ، لا يحل المشاكل ، لا يٌقّدم ولا يؤخر ، السياسة تحتاج الى قرارات شجاعة واحيانا مؤلمة ، واحيانا حروب تتحرك فيها الأساطيل وتتغير فيها الخرائط ، وهذا لا يستطيعه وزراء تويتر ، السياسة العالمية تحتاج الى قادة وابطال ورجال من طينة ( ميركل ) التى يبدو انها الرجل الوحيد فى حكومات اوروبا ، وحدها تحملت مئات الآلاف من اللاجئين السوريين والعراقيين والاكراد والأفارقة ، وتحملت النقد وضحت بشعبية حزبها ، وقبل أيام قالت إن المانيا لن ترضخ لضغوط وترهيب امريكا التى تحاول ثني المانيا عن المشاركة فى مشروع خطوط الغاز الروسية ، لكن فرنسا رغم احتلالها لنصف افريقيا لم تسمح بدخول الأفارقة ورفضت قبول المهاجرين ، وفرنسا التى استعمرت المشرق العربي ونهبت ثرواته وتاريخه أدارت ظهرها له ، وبريطانيا التى قسمت العالم العربي وأخذت كنوز حضارة مابين النهرين واحتفظت لنفسها بإرث الشرق ، هاتان الدولتان لم تحركا ساكنه لمساعدة تلك الشعوب التى رزحت تحت احتلالهما نيرا من الزمن ، وهذا ليس لقلة امكانياتهما وفقرهما وعدم وجود فرص عمل بهما ، بل لانهما تفتقدان للقيادة والزعامة ، فحين يحكم وزراء تويتر والفيس بوك اوروبا على شعوب المتوسط السلام ، وعلى العالم الثالث السلام ، وعلى ضحايا الهجرة والعنصرية والحروب السلام ، فوزراء الفيس لا يصنعون التاريخ ، فأقصى ما تمنحه اوروبا هو ارسال الخيام والبطاطين وايموشن الدموع ، فقد اصبحت اوروبا مجرد جمعية خيرية لتوزيع الأرز والحليب والاغطية ، هكذا فى غياب الرؤية والسياسة والزعامة والحوار اصبح الأمل فى شراكة من أجل المستقبل مع الاوربيين أمراً مستحيلاً ، واصبح الشعور بالأمل أمرا بعيد المنال ، ما أحوج الاستقرار العالمى الى زعماء من طينة ديجول وهلموت كول وكراكسي وشيراك الذى وقف ضد غزو العراق ، وماأحوجنا نحن فى ليبيا الجريحة الى عدم توقع الخير من وزراء الفيس ، وان نحتكم للعقل والحق والحوار ونبذ الاقتتال تحت أى مسمى وتحت اى مبرر ، وما احوجنا لرجل رشيد ، وما احوجنا للبحث عن حل ليبي ليبي لحروبنا بعيدا عن القصف والعنف والخطف ، حل ليبي لا يأتى على ظهر قاذفة او بارجة او عبر سبطانات