منصة الصباح

هوايات يرفضها المجتمع .. امباركة من الرقص إلى إعادة التدوير

 

تقرير// ريمة الفلاني.

سلطة السوشيال ميديا
لم تكن تتوقع امباركة أن مقابلة صحفية ستكون منعطفًا مهمًا في حياتها، غير مسارها وإلى الأبد، مسارًا لم تختره، اختاره مزاج المعلقين والمعلقات على وسائل التواصل الاجتماعي. تقول امباركة “الفاضي يعمل قاضي”.

الرقص التعبيري الحركي، هكذا وصفته “امباركة” الهواية التي أحبتها، قادها إليها شغفها. تريد أن تعبر، أن تحكي، تروي، راغبة في التحليق عاليًا، لكنها لم تكن تعلم أن بإمكان التقاليد والأعراف الخاضعة فقط لسلطة المزاج العام أن تقص أجنحتها وتمنعها من التعبير وإلى الأبد.

معايير المجتمع التقليدية
الرقص الشعبي هو هواية امباركة. حيزها الواسع هكذا اعتقدت. عندما أجرت امباركة مقابلة صحفية مع منصة إعلامية في 2020 كانت بصفتها هاوية للرقص الشعبي، وإحدى عضوات فرقة فزان للرقص الشعبي. كانت موظفة حكومية.

تسببت المقابلة وحديثها عن هوايتها وحبها للرقص الشعبي في هجوم إلكتروني رقمي عليها كان كفيلاً بأن يجعلها تخضع للضغوطات الاجتماعية وتقدم استقالتها من فرقة فزان للفنون الشعبية.

انقسام في العائلة
تقول امباركة أن تلك الأيام كانت من أسوأ أيام حياتها، فقد تعرضت لهجوم فور عرض المقابلة على السوشيال ميديا، ولم يتوقف الهجوم عندها بل تعداه لعائلتها ووصفها بالفجور والانحلال. وقد أثر ذلك على نفسيتها وعلى علاقتها بأهلها حيث انقسمت عائلتها بين مؤيد لها وبين معارض.

تكمل امباركة قائلة: “إن ما تسبب في الهجوم عليها هو خطأ ارتكبته حيث إنها اعتادت الرقص منقبة، لكنها في المقابلة كانت بلا نقاب، وهذا تسبب في انتشار شخصيتها الحقيقية على السوشيال ميديا واتساع رقعة الهجوم عليها”.

بداية المغامرة
تصف امباركة تجربتها في الرقص الشعبي بأنها مغامرة بدأت في 1998 عندما أعلنت فرقة سبها للفنون الشعبية عن حاجتها لأعضاء جدد من الجنسين في الفرقة. وقد كانت امباركة تحب الغناء، لكن كان هذا القسم مقفل في ذلك العام، لذلك انضمت للقسم الحركي (الرقص الشعبي). وقد انضمت حوالي 30 فتاة للفرقة في تلك الفترة.

تؤكد امباركة أنها تعتبر الرقص الشعبي هواية وليس مهنة، وقد شاركت مع الفرقة في مهرجانات عديدة منها مهرجان شحات الثالث للفنون الشعبية وفازت فيه بالترتيب الثالث في الرقص الحركي والثاني في الغناء.

الغناء بجانب الرقص
وعندما توقفت فرقة سبها للفنون الشعبية عن العمل في 2009 توقفت عن ممارسة هواياتها حتى انضمت لفرقة فزان للفنون الشعبية في 2015 وشاركت معهم في مهرجانات دولية خارج البلاد في تونس والجزائر وغيرها. كما شاركت في مهرجان المواهب في سبها وفازت بالترتيب الثاني في الغناء، واستمرت معهم حتى 2020 تاريخ إجراء المقابلة الصحفية.

30 راقصة في فرقة سبها

تقول امباركة إنها لم تواجه مشاكل في ممارسة هواياتها قبل انتشار السوشيال ميديا، وتقول إنها لاحظت تغيرًا في مفاهيم المجتمع بعد 2011، فمثلًا قبل ذلك كانت العديد من الفتيات ينضممن لفرق الفنون الشعبية ووصل عدد البنات في فرقة سبها في مرحلة ما إلى 30 بنت.

الرقص الشعبي الليبي رقص تعبيري
وتوضح امباركة أن الرقص الشعبي الليبي وخاصة الفزاني ليس رقصًا بالمعنى العادي، بل هو أقرب للحركات التعبيرية، فلا يوجد فيه إيحاءات خادشة أو إغراء. ولذلك يسمون قسم الرقص في الفرق الشعبية بالقسم الحركي لأنه حركات تعبيرية وغالبًا نعبر باللوحة الراقصة عن الحصاد أو الحرث أو الزراعة أو سقي الماء أو قصة قرية ما وهكذا. إلى جانب أن الفنون الشعبية توثق الزي التراثي الليبي وتعرضه على الجمهور وتوضح قيمته الفنية والتاريخية.

نظرة دونية
رغم ذلك، اليوم يستهجن المجتمع الرقص الشعبي وينظر له بدونية. ولذلك هي لا تفكر في العودة له أبدًا وقررت تغيير مسارها. وتؤكد أنها لولا مجتمعنا وخوفها على أهلها ما كانت توقفت عن الرقص.

تختم امباركة قائلة: “اليوم أسست مشروع “قبس” وهو إعادة تدوير الأشياء البالية وصنع أشياء فنية منها. وهو مشروع يلقى الاهتمام والتشجيع من الناس عامة ومن أصدقائي وأسرتي بشكل خاص عكس الرقص والغناء. وقد وجدت إقبالًا على منتجات المشروع وقطعها الفنية”.

وتضيف: “آمل أن يصبح لدي محل لتسويق منتجاتي. الأشغال اليدوية تلقى اهتمام الناس وكل ما يصنع باليد له قيمة كبيرة. وهو مهنة أحببتها وأحبها تعوضني عن هواياتي السابقة، هي أيضًا لغة أستطيع أن أعبر بها أيضاً”.
*امباركة رفضت اجراء حوار مصور بعد تجربتها المريرة.

شاهد أيضاً

اختتام الحلقة الثالثة من أنشطة التصدي للجريمة المنظمة بأشكالها 

  اختُتِمَت في مقر مركز البحوث الجنائية والتدريب، الحلقة الثالثة من سلسلة أنشطة مشروع: ” …