منصة الصباح

 هل بمقدورنا أن نفهم؟

بوضوح

بقلم : عبد الرزاق الداهش

السعودية التي تنتج أكثر من 13 مليون برميل مستفيدة من توقف صادرات النفط الليبي، حتى وأن كانت لا تساوي عشرة بالمئة من الانتاج السعودي..

روسيا مستفيدة من هذا التوقف، والعراق، والامارات، وفنزويلا، وباقي مجموعة الدول المصدرة للنفط.

والحقيقة أن مليون وربع المليون برميل كمية صغيرة، ولكن على قلتها فهي تحقق فارق في السوق.

أما الحقيقة الأهم، فالأمر سيان، صدرت ليبيا نفطها، او لم تصدر، لن تخسر، لا الصين، ولا بريطانيا، ولا أكثر من 150 دولة أخرى في العالم سنتا واحدا.

الخاسر الوحيد، والمتضرر الوحيد هم الليبيين، الذين يعتمدون في أكلهم وشربهم، ومعيشتهم كلها على إدارة العمليات في المؤسسة الوطنية للنفط.

الارقام الفلكية للدين العام المحلي، والاربعين مليار سيولة تدرو خارج المؤسسة المصرفية، واموال الضرائب، والميزانيات، كلها ارقام دفترية، وكذبة كبيرة.

الحققي هو ما لدينا من احتياطي بالنقد الاجنبي، الذي يتكفل  لنا بتوفير بالدقيق، ومعجون الطماطم، ومواد مكافحة الآفات الزراعية، والكتاب المدرسي، وتربينات محطات الكهرباء، وبالونات الاطفال، وإبر الخياطة، وكل شيء، وأي شيء.

الليبيون لا يشعرون بالكارثة، فطالما ان المرتبات تصرف، والخبز متوفر، والبنزين بأقل من سعر المياه غير الصالحة للشرب، فهم يلعنون الظلام، والشركة العامة للكهرباء، وينامون على الجانب الذي لا يريحهم غالبا.

هل يدرون أن مرتباتهم تصرف من حصالة الاحتياطي، حتى وأن كان ذلك بتقشف شديد، على حساب سلة ضعاف الحال من المستهلكين؟

للاسف ثقافة التكتم، والسلوك الابوي للمسؤول الليبي، هو من انتج عدم الثقة، وعدم المبالاة من قبل المواطن، الذي تحول مصدر رزقه إلى وسيلة للابتزاز السياسي الدولي.

كل يوم تتوقف فيها صادرات النفط، ويعني خسائر بملايين الدولارات، يعني مرتبات لن تصرف في المستقبل، يعني عملة صعبة لن تتوفر لشراء علبة حليب اطفال، أو دواء لضغط الدم وغيره.

وسيدفع هذا الشعب فاتورة هذا العبث، وهذا اللعب، باهضة جدا، من لحمه الحي، ذات حقيقة صعبة، ومرة، وموجعة، وبالمقابل لن يجوع طفل واحد لا في الامارات، ولا قي روسيا، ولا في بلد الثلاثمئة نوع من الجبن.

وستظل الحسرة عملة لا يمكن تصريفها في أي بنك في العالم.

 

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …