لقاء / سعاد الفرجاني
تفاقمت أزمة المختبرات الطبية في ليبيا مع اتساع دائرة النقص في مشغلات التحاليل، ما أدى إلى إرباك الخدمات الحيوية وتوقف عدد من المرافق المرجعية، أبرزها المختبر الطبي المرجعي بالعاصمة، الذي أوقف إصدار الشهادات الصحية وشهادات عقود القِران بسبب النقص الحاد في المواد التشغيلية الأساسية.
وبعد الإغلاق الذي كان نتيجة النقص الحاد، عاد المختبر لاستئناف العمل عقب تسلّمه دفعة محدودة من المشغلات من جهاز الإمداد الطبي، في محاولة لتخفيف آثار الأزمة على الخدمات التحليلية.
ويُعد المختبر المرجعي من أهم المرافق الصحية في البلاد، إذ يقدم خدمات دقيقة للمؤسسات الطبية والمواطنين، ويُعتمد عليه في مراقبة الأمراض والتشخيصات الحيوية.
ومع أن استئناف العمل بعث الاطمئنان مؤقتًا، إلا أن جذور الأزمة أعمق، فهي ترتبط بمنظومة التوريد والإمداد التي تعاني اختناقات مزمنة بين الجانب الفني والإداري.
في هذا السياق، التقت الصباح مدير قسم المختبرات بجهاز الإمداد الطبي، الدكتور أكرم بيوض، الذي كشف عن خلفيات الأزمة وأسباب تكرارها والعوامل التي تجعل المختبرات تواجه خطر التوقف المتكرر.

أزمة الإمداد
أكد الدكتور أكرم بيوض أن جهاز الإمداد الطبي جهة تنفيذية تعمل وفق محاضر الترسية الصادرة عن لجان العطاءات المركزية، مشيرًا إلى أن تأخر إحالة المحاضر هو السبب الرئيسي لتوقف توريد مشغلات التحاليل.
وأضاف أن الجهاز لم يتلق أي معاملات مالية بخصوص توفير مواد المختبرات بسبب عدم صدور الترسية حتى الآن، مما جعل المخازن خالية من المستلزمات التشغيلية الضرورية لاستمرار الخدمات.
نقص شامل
وأشار إلى أن الأزمة تشمل أغلب المختبرات العامة، التي تعاني نقصًا حادًا في جميع بنود الإمداد.
وقال إن الجهاز يعتمد توزيعًا محدودًا وفق الأولويات لضمان استمرار الخدمات الحيوية في المستشفيات ومصارف الدم والمختبرات المرجعية.
توريدات محدودة
وأوضح بيوض أن الكميات المستلمة خلال الفترة الماضية بسيطة ولا تكاد تُذكر، مبينًا أن شح التوريدات وقصر فترة صلاحية المواد المخبرية حالا دون تكوين مخزون احتياطي، ما يجعل استمرارية العمل مرتبطة بما يُتاح من مواد تشغيلية آنية.
أعباء مالية
وعزا بيوض تفاقم الأزمة إلى ارتفاع سعر الصرف مقارنة بالسنوات الماضية، إضافة إلى نقص الميزانيات المخصصة لتغطية احتياجات المختبرات.

وأكد أن المخازن في الفروع الأربعة مرتبطة بمنظومة مركزية تتيح تتبع حركة الأصناف وضمان الشفافية في التوزيع.
تحذير مبكر
ونوّه بيوض إلى خطورة استمرار تأخر الترسية، محذرًا من توقف المرافق الصحية عن تقديم خدماتها.
وأشار إلى أن آخر ترسية خاصة بالمستلزمات التخصصية – مثل مواد المختبرات ومصارف الدم والأشعة والأسنان – تعود إلى عام 2018، بينما اقتصرت الترسية الأخيرة على الأدوية العامة وأدوية مرضى السكري فقط.
خطر متجدد
اختتم بيوض حديثه بالتأكيد على أن استمرار غياب الترسية سيؤدي إلى أزمات متتابعة تمس المختبرات ومصارف الدم والمستشفيات.
ودعا إلى الإسراع في استكمال الإجراءات الإدارية والمالية لضمان استقرار منظومة التحاليل ومنع تكرار توقف الخدمات، الذي يهدد صحة المواطن مباشرة.
خاتمة
يبقى المختبر المرجعي مرآة لما يعتري منظومة الإمداد الطبي من خلل حين تتقاطع البيروقراطية مع الحاجة الطبية الملحة.
فالتأخر في الترسية ونقص الميزانيات لا يضر فقط بالإمداد الفني، بل يمس حياة المواطن مباشرة، ويضع الخدمات الصحية الحيوية تحت رحمة معادلات مالية وإدارية عاجزة عن الاستجابة للطوارئ.
هذا الواقع يفرض على الجهات المعنية اتخاذ إجراءات عاجلة ومستدامة لتفادي تكرار الأزمات وضمان استمرار المختبرات في أداء رسالتها الوطنية.