محمود السوكني
حقائق صادمة ، و أرقام مذهلة ، و واقع مخيف ينذر بإنهيار كامل لكيان المجتمع ، هذا ما خلصت إليه محاضرة علمية دعت إليها إدارة المعهد العالي للعلوم و التقنية برقدالين بإشراف الجمعية الليبية للعلوم النفسية و بالتنسيق مع رابطة رواد مفوضية السهل الغربي للكشافة و المرشدات ألقاها الدكتور رجب ابوجناح و تداولتها منصات التواصل الاجتماعي على أمل ان تكون قد لفتت انتباه ولاة الأمر فينا لما تشير إليه من اخطار محدقة قد تدمر أركان المجتمع و تأتي على قيمه و تنسف مبادئه .
ما جاء في المحاضرة لم يعد سراً فهو منقول على موقع المعهد و لفظاعة ما جاء فيه وجد رواجاً حيث يتناقله الأصدقاء فيما بينهم لتعميم المعلومات الاحصائية التي وردت فيه ، الدكتور المحاضر يؤكد ان جرائم القتل التي ترتكب اغلبها ان لم تكن كلها نتيجة تعاطي الخمور و المخدرات و لأنه يلقي محاضرته أمام حشد من الطلبة فقد أشار إلى أن نسبة الطلاب المدمنين في ليبيا تصل إلى 5.5 % و هي أعلى نسبة في العالم ، كما يقول ان حالات الإدمان لم تعد قاصرة على الكبار من الذكور بل وصلت إلى نسب عالية من الأطفال و النساء !
احصائيا فإن خمسين طنا من مخدر الحشيش قد دخلت ليبيا في الفترة مابين 2011 \ 2016 بالإضافة الى (186) مليون قرص مخدر . منها (60) مليون قرص تم ضبطها في قضية واحدة في مدينة طبرق ، وهناك شحنات غيرها عن طريق مصراتة و الخمس كما أفاد الدكتور المحاضر .
و يشير المحاضر إلى أن دولتنا بكل اسف مستباحة وارضنا متاحة للدول المجاورة و غير المجاورة في إمكانية عبور المخدرات بأنواعها من كوكايين و هيروين و خلافه ، و يضيف ان المغرب يدخل في حسابها (20) مليار دولار سنويا من هذه التجارة التي لم تجد غير ليبيا مسرحا لها بعد أن قفلت في وجهها المنافذ الاوروبية !
تحدث الدكتور المحاضر بإسهاب عن طرق التعاطي و أشكاله و أنواعه و وسائل انتقاله التي قد تكون أحيانا عن جهل أو سوء استخدام و ما ينتج عن ذلك من أمراض اشهرها مرض نقص المناعة ( الإيدز ) الذي قال انه لم يكتشف بعد علاجا نهائيا له و كل ما يقدم الان من عقاقير لاطالة أمد المصاب بقدر الإمكان، كما اشار المحاضر إلى بعض الحالات التي عاينها شخصيا من مدمني المخدرات و التي وصلت احداها إلى انفاق عشرة آلاف دينار يوميا و لمدة اربع سنوات من التعاطي لمادة الهيروين!
المفرح في الأمر أن الدكتور المحاضر أكد على إمكانية علاج حالات إدمان المخدرات اذا ما توفرت الرغبة بين المدمن و الطبيب المعالج و لكنه شدد على ضرورة توعية أبناء المجتمع على مختلف فئاته إلى خطورة هذا الداء و العمل غلى محاربته بشتى الوسائل و على الجهات المختصة ان توحد جهودها في مكافحة هذه الآفة المميتة .
لا أجد ما أضيف سوى شكر الدكتور المحاضر و إدارة المعهد التي كانت وراء هذا الجهد التوعوي المميز ، و على ذوي الاختصاص ان تنهض بمسؤلياتها تجاه هذا الخطر الداهم و من الله التوفيق .