بقلم العادلة التومي
الموازين الحياتية الاعتيادية علي مقاس مواطن (عادي) لا تتراوح بين أقواسها إلا بحال التعسير او التيسير اما المفردات المعبرة علي استمرار ذات الحال فهي مفردات عاطلة عن العمل، وأما الموازين الحياتية المعتمدة علي مقياس الدول النفطية ما عادت علي زماننا تعبر قبل علامة الاستفهام المجرورة بالتعجب إلا بسؤالنا اين يكمن الخلل..؟ وكل المطلوب لتطوير الدولة متوفر.
والشأن الليبي لا يفرق في موازينه بين المواطن والدولة، فكلهما بحاله يلعن الأخر ويعلل فيه أسباب ضعفه، ولآن الطبقات العليا في الدولة لها من المنابر حيز يشغل الساعات الطوال في رص الأذان بالكلمات الرنانة ليصدقها من يشاء ويعترض عنها من يشاء فسأعتلي -منبر الرأي- لأتحدث عما يدور من انعكاس لحال الشعب التي -لا يهمه- القوانين البروتوكولية ولا القواعد النحوية سليمة التعبير ولا مصلحه الدولة العليا ، فما يعنيه هو فقط ما يلمسه حقيقة فعلية لا وعودً كلامية ، فالوضع بات جدآ يستحق الوصف بالمتأزم ، شعبً لا يجد من يسمع لمطالبه بلا تمثيل الاستماع و التصنع بوعود تحقيقها فالشعب تعلم فن الغش و التلاعب و المخالفة وكما تقول الحكمة -العلم فالصغر كالنقش فالحجر- فالمعلم الأوحد عليه من الله ما يستحق قد ترك فينا من السوالب ما يفوق الخيال ، فلم نحاول التغلب علي شرنا فصار الخير بأيدينا كمثقل ذره ، فمن لم يسرق قد غش ، ومن لم يغش قد اختلس ، ومن لم يختلس قد اغتنم ، ومن لم يغتنم قد تلاعب ،ومن لم يتلاعب فهو مواطن صالح علينا الاعتناء به لأنه من الأصناف المنقرضة.
وفي الضفة الأخرى أصحاب قرار يهتمون بسطحيات التفاصيل الهامشية فيجعلونها شغلهم الشاغل فلم تستهويهم مشاكلنا الصحية ولا ازمة العمل والاستشراء في ثقافة- الواسطة- فليس هناك مرتكز يمكن من خلاله البدء بصياغة جديدة تعيدنا الي صواب الدول سوي الجدية و الضمير و الوطنية ، ولأن لكل المشاكل حلول فالعجز غير مبرر ، فبقرار واحد جاد لا يضل طريقه الي عتمات الأدراج المغلقة بل الي التنفيذ الحقيقى نستطيع وقف اهدار المال العام وإيقاف ادخال السلع الفاسدة المنتهية الصلاحية و التي تغزوا اسواقنا دون دراية من المواطن ان ما يأكله هو ما يسبب لنا الاكتضاض في المستشفيات وانتشار الأمراض ونحن الان بحاجة لأجسام سليمة تقاوم جائحة كورونا .
اما السلع التي استوفت شروط الامن ومعايير السلامة وتوزعت بطرق ايضا سليمة وتخزنة كذلك للاسف قد فسدت من الاستمرار في انقطاع التيار الكهربائي ما جعلها غير صالحة للاستهلاك ولكننا للاسف نبيعها والمواطن يشتريها وهو لا يعمل بأفضل فالبيوت كذلك لا يتوفر فيه كهرباء للتخزين فنعود بذلك الي الدائرة المغلقه ذاتها اننا لم نعد نوفر الغذاء السليم .
وكل هذا كان سينتهي لو ان هذه الدولة تعمل علي منح راس مال للشباب لإنشاء المصانع و المشاريع التي تغنينا عن كل هذا بدل ان توفر مئات الملايين علي رواتب وسيارات وهواتف وإقامات فندقية ورجال لحماية شخوص- وما زاد الله فيهم- ، فمن يحمينا يحميهم وكلنا ليبيين يعني من باب اولي حماية الشعب لا حماية الفرد وهذا ما يتفق مع المعقول ، وبين هذا وذاك ترزح ليبيا تعاني تموت بصوت انينها تناشد من ثورة قامت لتعينها لا ان تغلب علي معالجة وضع مميت صار يُسوغ الي اصحاب العقول المريضه فكرة التغني علي اطلال العقود العجاف ويقارن الحاضر بالماضي فيجد في نواتجه ما لا يرضي الحق ولا يفكر بالعودة بعدها لمقام الحاضر ليبدأ الحديث بكامل الجدية بعيدا عن اطلال الماضي و اوهام المستقبل فقد اصبحنا في داخل منظومة لا ادري مسماها الصحيح ، منظومة حزبية ام منظومة المصلحة الشخصية ام منظومة السرقة ، حتى يكون جل الواقع المعاش اننا باختصار ” نأكل فاسدً ونعمل فسادً ” وهذا وصف ليس شمولي بضم جميع الليبيين ولكن ما يبني الدول هو العمل المثابر وحين يشوب هذا العمل فيروس الفساد يضل البناء فيه فعل معرب في زمن الماضي البعيد مضارعه رفع بكل شي الا الشعب.