بقلم /سليم يونس
إنها محاولة للإضاءة على الأحداث من زوايا أخرى، بقراءة تستهدف استنطاق الأقوال والتصرفات بما لا يفصح عنه ظاهرها، من خلال مشاكسة الظاهر من اللغة، بتفكيك محتواها عبر طرح الأسئلة المخالفة التي ربما لا ترضي الكثيرين، كونها تفتح نافذة للتفكير ربما المفارق… ولكنه الضروري، من أجل أن نعيد لفضيلة السؤال والتفكير قيمته…أليست مشاكسة»؟
عدالة أمريكية…!
قالت المدعية الأمريكية « جيسي ليو» في محاكمة (الليبي) مصطفى الإمام إن «الحكم الصادر هو تذكير بأن سلامة الأمريكيين، إن كانوا في الوطن أو في الخارج، مدنيين أو غير ذلك، ستكون دائما على رأس أولوياتنا»، وتابعت «من يرتكب عملا إرهابيا سنعثر عليه ونحضره أمام العدالة».
مشاكسة … من هم المقصودون بالتذكر حسب قول المدعية الأمريكية «جيسي ليو » بعد الحكم بالسجن 19 عاما على مصطفى الإمام جراء مسؤوليته عن مقتل السفير الأمريكي في بنغازي؟ هل تعني المدعية العامة الأمريكية أن اليد الأمنية الأمريكية طويلة، ولن يفلت منها من يقوم بعمل تكيفه الولايات المتحدة على أنه جريمة تستحق العقاب؟ ولكن بعيدا عن استهداف البعثات الدبلوماسية، لماذا تتواجد أمريكا في الدول الأخرى وفق قانون الغلبة، وهي تعرف أن وجودها غير مرحب به شعبيا؟ ثم من الذي أعطاها الحقٍ فيٍ أن تكون الشرطي العالمي؟ وماذا عن الجرائم التي ترتكبها القوات الأمريكية في بعض الدول وآخرها اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس، والمهندس رئيس أركان قوات الحشد الشعبي العراقي؟ وماذا عن قتل ملايين العراقيين وتدمير الرقة في سوريا؟ وماذا عن جريمة سجن أبو غريب في العراق وعشرات الأمثلة غيره؟ وماذا عن المشاركة في قتل اليمنيين في الحرب التي تشنها السعودية عليهم؟ وماذا عن إرهاب الدولة الذي تمارسه ومارسته الولايات المتحدة في أكثر من دولة في العالم؛ في أمريكا اللاتينية وآسيا وإفريقيا؟
تقدير مصري للصفقة…!
«قالت مصر إنها تقدر الجهود المتواصِلة التي تبذلها الإدارة الأمريكية من أجل التوصُل إلى سلام شامل وعادل للقضية الفلسطينية، وتدعو الطرفيّن المعنييّن بالدراسة المتأنية للرؤية الأمريكية لتحقيق السلام، والوقوف على كافة أبعادها، وفتح قنوات الحوار لاستئناف المفاوضات برعاية أمريكية.
مشاكسة …كيف لمصر أن تقدر ما اعتبره الفلسطينيون مؤامرة وتصفية لقضيتهم فيما سمي بصفقة القرن؟ ألا يشكل هذا التقدير المصري تزكية لمؤامرة ترامب ورسالة للفلسطينيين أن لا يعولوا على موقف مصري مساند لهم؟ ثم ألا يحمل هذا الموقف اصطفافا مبكرا من مصر إلى جانب الصفقة وسمسارها في مواجهة الإجماع الفلسطيني الرٍافض لها؟ ثم ألا يشكل التقدير المصري موافقة على تأكيد ترامب أن القدس ستكون عاصمة «لإسرائيل» غير مقسمة؟ ثم ألا يعني الموافقة والتقدير المصري لصفقة ترامب التي اختزلت حق تقرير المصير والدولة المستقلة وعاصمتها القدس في «دولة فلسطينية بحكم ذاتي» ودون القدس، موافقة على الرؤية الصهيونية لما يسمى بالحل؟ وهل مصر لا تعرف أبعاد صفقة ترامب المؤامرة حتى تطالب الفلسطينيين بالدراسة المتأنية للرؤية الأمريكية لتحقيق السلام؟ ثم هل تركت هذه الخطة مجالا للسلام عندما شطبت القدس واللاجئين و40 % من مساحة الضفة من المعادلة؟ ثم لماذا لا تساند مصر الموقف الفلسطيني الرافض للصفقة؟ وهل الدعم المصري لمؤامرة ترامب وهي التي بيدها مفتاح قطاع غزة رسالة إلى الفلسطينيين من أنها ستضغط باتجاه تنفيذ الصفقة؟ ثم ألا تعتبر مطالبة مصر للفلسطينيين باستئناف المفاوضات برعاية أمريكية بعد كل الذي فعلته أمريكا بعد إفراغ ما يسمى بحل الدولتين من مضمونه تماهيا في الرؤية الأمريكية الصهيونية المعادية جملة وتفصيلا للحقوق الفلسطينيةٍ، وربما مشروع طعنة في الظهر؟