بقلم/سليم يونس
إنها محاولة للإضاءة على الأحداث والمواقف من زوايا أخرى، بقراءة تستهدف استنطاق الأقوال والتصرفات بما لا يفصح عنه ظاهرها، من خلال مشاكسة الظاهر من اللغة، بتفكيك محتواها عبر طرح الأسئلة المخالفة التي ربما لا ترضي الكثيرين، كونها تفتح نافذة للتفكير ربما المفارق .. ولكنه فيما نعتقد الضروري، من أجل أن نعيد لفضيلة السؤال والتفكير قيمته.. أليست مشاكسة؟.
غضب أمريكي
أعلن وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، أنه يشعر بالغضب لوقوع هجوم صاروخي جديد على قاعدة عراقية، داعيا الحكومة العراقية إلى محاسبة المسؤولين عن هذا الهجوم ، وأكد بومبيو على ضرورة، وقف انتهاك السيادة العراقية من قبل الجماعات المسلحة.
مشاكسة … لماذا كل هذا الغضب من وزير الخارجية الأمريكي، إذا كان محل ما سماه الاعتداء هي قواعد عراقية؟ ثم لماذا لا يقول المسؤول الأمريكي إن الاعتداء كان يستهدف الوجود الأمريكي في تلك القاعدة، وأن هذا مبعث غضب بومبيو الشديد؟ ثم من الذي ينتهك السيادة العراقية القوى العراقية التي هزمت داعش؟ أم الوجود الأمريكي الذي ينتهك السيادة العراقية؟ ترى هل سمع بومبيو بماذا تهتف جماهير العراق التي خرجت إلى الشوارع؟ ألم تهتف ضد الوجود الأمريكي وأنه وجود احتلال وينتهك السيادة العراقية؟ ولعل السؤال الأساس هنا ، هل كان لمثل هذه القوى المسلحة التي هي جزء من المؤسسة العسكرية الرسمية العراقية أن توجد لولا الاحتلال الأمريكي للعراق وتدميره وقتل أبنائه بدعاوى كاذبة عام 2003؟ ألا يعرف الوزير بومبيو أن غضبة سيتصاعد وبشكل غير مسبوق إذا لم تستجب الولايات المتحدة لقرار البرلمان العراقي بسحب قواتها من العراق؟ وأخيرا بماذا يوصف الوزير بومبيو الاعتداء الأمريكي الذي استهدف قائد فيلق القدس والمسؤول العراقي (المهندس) رئيس أركان قوات الحشد الشعبي العراقي؟ ألا يمثل ذلك العدوان مس وانتهاك للسيادة العراقية؟ ثم متى تدرك أمريكا أن معيار السيادة واحد وما ينطبق على أمريكا ينطبق على العراق وغيرها من الدول؟
سفير أم ناشط سياسي؟
احتجزت طهران السفير البريطاني روب ماكير مدة وجيزة بعدما اتهمته بالمشاركة في «تجمع غير شرعي»، في إشارة إلى المظاهرات التي خرجت عقب إقرار طهران إسقاط الطائرة الأوكرانية بالخطأ ومصرع 176 شخصا، أكثرهم أجانب.
مشاكسة …ألا تطرح واقعة احتجاز السفير البريطاني في طهران سؤال له علاقة بما تعتقده الدول الغربية من أن لها حق انتقاد سياسات الدول الأخرى في عقر دارها؟ ثم لماذا يتصرف السفير الغربي الذي له مهام محددة في الدولة التي تستضيفه وكأنه ناشط سياسي في تلك الدولة وليس ممثلا سياسيا لدولة أخرى؟ ثم ألا يشكل هذا السلوك من بعض سفراء الدول الغربية قفز متعمد على الأعراف الدبلوماسية المستقرة؟ ألا يمكن اعتبار هذا السلوك مهما كانت مبرراته ودوافعه تدخلا في شؤون الدول الأخرى الداخلية ؟ والسؤال متى تغادر تلك الدول الغربية عقلية أن لها حق التدخل في شؤون الدول الأخرى ارتباطا بسياساتها هي ومصالحها وأجنداتها؟ ثم ألا يمكن الرد ووفق مفهوم المخالفة على تحذير وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب أن توقيف السفير انتهاك صارخ للقانون الدولي، أن سلوك السفير ودعم حكومته لسلوكه هو الانتهاك الصارخ للقانون الدولي؟