بوضوح
بقلم / عبدالرزاق الداهش
عندما أخذنا كلمة مواطن من القاموس الغربي، سلخناها في الطريق من أي محتوى سياسي، أو اجتماعي، وجرجرناها إلى شارعنا، وهي خالية من أي مضمون.
تبعا لهذا الفهم الملتبس لكلمة مواطن، نسينا ارتباطها الوثيق بحقوق الإنسان كمشروع، أرست الثورة الفرنسية قبل أكثر من ثلاثمئة عام.
وتحولت مفردة مواطن إلى مجرد ردیف لمصطلح الفرد العادي الذي يحمل جنسية البلد، بعيدا عن أي شروط أخرى للمواطنة.
ولهذا صارت الوطني، وهي كلمة أخرى تنتسب لنفس المواطنة، يمكن أن تطلق على كل منتج محلى، سواء كان هذا المنتج أواني فخرية، أو لحوما حمراء، أو فولا سودانيا، أو بقدونسا، أو بشرا.
وعلى هذا النحو تعرضت كلمة مواطن إلى ظلم شديد من خلال استعمالها، بعيدا عن مفهومها الحقيقي، كمنظومة قيمية.
المواطن عندنا هو مجرد فرد، يمكن أن يملك بطاقة هوية، ورخصة قيادة، وجواز سفر، واسما مقيدا في مصلحة الأحوال المدنية، وكل منتجات عصر ما بعد الدولة، ولكن هذا ليس هو مفهوم المواطن.
مجموعة الأوراق، التي استعرنا نظامها من العالم الآخر، مثل السيارات، ونظام المرور، وأجهزة الكمبيوتر، لا تساوي شيئا لتعزيز ثقافة المواطنة، ورد الاعتبار، لكلمة مواطن، المرتبطة بمساواة في الحقوق والواجبات.
لا يمكن أن نعيش في زمن الرعية، ومكونات ما قبل الدولة، لا بداية بالقبيلة، ولا نهاية بقيم القرابة، ونعيش في نفس الوقت عصر المواطنة، وقيمة الإنسان.
سوف نظل نتقاتل على الكلأ، على الماء وعلى المراعي، التي صارت تحمل مفردات جديدة، كتوزيع الموارد، والمحاصصة، وباقي الكراكيب الجيدة القديمة.
لا يمكن أن يتأسس سلم أهلي، بدون إعادة فهم واعتبار للمواطن، بدون تعزيز القيم لمواطن، لنصبح مواطنين لا رعية، وشركاء لا جيران.