بقلم /فتحية الجديدي
أعتقد حازمة بأن كل المتغيرات تأتي في الأشكال والأنماط لا في المتون والقيم والمفاهيم، ولا أعتقد متأكدة أن الحالات المختلفة التي تغلف الإنسان وتعتريه من الداخل متشابهة لكنها تلتقي في مواطن عديدة وتصاغ في قالب يتعلق بوجداننا كبشر، لا أسطر مقدمة صحفية بقدر ما أضع إصبعي بانزياح في التعبير عن الحالة بشكل يروق ويحترم الذوق العام، ولا أرغب في تكرار التعريفات المجتمعية المتعلقة بطريقة التعبير ومايلزمها من وضعها في مواقعها التي تليق بها كالتعبير عن الحب والوحدة والغربة والاشتياق والبعد والفقد وأيضًا ملامسة الظواهر والمشاكل الاجتماعية اللاصقة بنا بالصورة التي تقرب للآخر الهدف والرسالة، لازالت أحوم في مقدمتي عن القصد بأن ما يقلق الذائقة العامة هو الانحدار اللغوي والثقافي وتراجع طرق التفكير من واقع اجتماعي ونفسي، الأمر الذي دعائي إلى التحدث عن خطاب أقرب مايكون إلى الكره والضغينة ويبتعد عن المحبة والتسامح والضرر، الذي ربما يقع على أحد ما لا يقابله المثل ولا التسليم به أيضًا، بل وضعه ضمن معالجات بصيغة تكون ذات طابع إنساني وليس انتقامي عندما تغني الفنان الليبي الرائع عبداللطيف حويل أغنيته الشهيرة «ياجارة» قال فيها (جارة ياجارة .. ارحلتى ياجارة .. واسكنتى بعيدة عالحارة.. غير كيف تببنى نلقاك دلينى حتى بأمارة) مخاطبا إياها بأن تخبره أين مكانها وإلى أين ذهبت وتدارت عنه. ولشدة محبتها طلب مننها العودة له ليتغزل بها ويعبر لها عن عاطفته التي أخذته – كما نحن – إلى أماكن أكثر إحساسًا، وعندما تغنى الفنان نوري كمال «خوذ الريشة يا فنان وارسم زول اللي مشقيني..) كان عاجزًا عن وصف حبيبته من جمالها الملفت كما صورها الخالق عز وجل في أحسن صورة.. وعندما تغنت الزميلة والصديقة والغالية على قلبي الفنانة رحاب سعد اغنية (السحارة) نفرت قريحتي من فجاجة الكلمات المباشرة والتلويح بأن تلك الساحرة تستحق الشتم والسب من خلال خلطة كلامية مسفة لم تراع في مفرداتها معايير التهذيب، أو ما يسمى بالعامية (الدعي والتسحسيح) لتلك التي اتخذت من وسائل الشيطان ذريعة، فهل يقابل ذلك بالشيطان؟ أمام لغة غنية يمكن الاستعانة بمفردات أكثر عمقًا ورقيًا ووقعًا فنيًا وتحترم الأذن! بعد أن كنا نستمع لعمالقة الفن الليبي وتعلقنا بروائع الأغاني الهادفة بتنا ننسخ من (الحمصة) وأخريات – ولا أقصد هنا فنانتنا – بل من يمنح كلامًا خاليًا من الذوق ويغطي مساحات التعطش الغناء بجمل مركبة على عقلية (هات ايدك والحقني) مع العلم هذا رأيي الشخصي. مع كامل احترامي لصاحب الكلمات