مفتاح قناو
المتابع للشأن الليبي يرى بوضوح تردي الأوضاع الاقتصادية يوما بعد أخر، كما يلحظ أن الصراع والمنافسة بين القوى المختلفة ترتكز في أساسها على الاستحواذ على الثروة، والتي تنحصر في النفط وهذا الصراع هو من مخرجات الاقتصاد ألريعي الذي يساهم في تدمير البلاد.
ويتناسى الليبيون بأن أهم ثروات ليبيا ليست النفط، بل هو عدة ثروات أخرى منها موقع ليبيا الجغرافي، حيث تصلح ليبيا لان تكون أهم مراكز تجارة العبور بين القارات الثلاث وهي تمتلك أطول شاطئ على البحر الأبيض المتوسط وتواجه اغلب دول الاتحاد الأوروبي وهي جسر التواصل بين المغرب والمشرق العربي وبين أوروبا وأفريقيا جنوب الصحراء، و يمكن كذلك أن تكون ليبيا أهم مراكز العبور الجوي للطائرات بإنشاء عدة مطارات كبرى تضاهي المطارات العالمية توزع على مختلف المناطق الليبية تكون مركزا مهما لتغيير الوجهات بين القارات الثلاث ومن المعلوم أن خطوط الطيران الأوروبية ــ إلى وقت قريب ــ كانت تفضل عبور الصحراء الليبية إلى أفريقيا عن أي طريق أخر ويسمونه خط العبور الآمن لان ليبيا أقامت العديد من القواعد الجوية في الصحراء الكبرى والتي بها مهابط طويلة تصلح لهبوط الطائرات الضخمة في حالات الطوارئ، وتوفر هذه المشاريع في حال حدوثها آلاف الوظائف للشباب الليبي العاطل عن العمل حاليا، والباحث عن وظائف البطالة المقنعة.
كذلك من الأصول الثابتة المهمة للدولة الليبية، السطوع الشمسي المستمر طوال أيام السنة مع وجود الصحراء التي تلامس البحر في المنطقة الوسطى، وهذه القيمة الايجابية العالية لا توجد إلا في ليبيا، كل هذا يعطي لليبيا إمكانيات إنشاء منطقة صناعية ضخمة لإنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية ويمكن استخدام جزء منها لتحليه مياه البحر للحصول على مياه عذبة شبه مجانية من مصدر لا ينضب هو البحر يمكن من خلاله ري كل المشاريع الزراعية ويمكن من خلالها تصدير الكهرباء الرخيصة إلى الاتحاد الأوروبي عبر كوابل بحرية، والتي توفر فرص ضخمة للشباب الباحث عن العمل.
من الأصول الثابتة للدولة الليبية المدن الأثرية الممتدة شرقا وغربا وجنوبا مع تميز واضح في السياحة الصحراوية وهنا لا داعي للشرح الكثير، فالجميع يعرف مكانة السياحة في الاقتصادي العالي فهي المنتج الأول في اغلب اقتصاديات الدول المتطورة حتى النفطية منها .
لكن أهم أصول الدولة الليبية هو الإنسان الليبي حيث ينبغي الاستثمار في هذا الإنسان خصوصا أن السواد الأعظم من الشعب هم من الشباب الذي يحتاج منا أولا إلى أن نعيد له الثقة في بلاده التي فقد الثقة في نجاحها، وأن نغير بشكل جذري نظام التعليم التلقيني، وأن نوفر له الرعاية الصحية الجيدة ، عندها سيكون هذا العنصر من أهم عناصر تقدم الدولة الليبية .
لحدوث ذلك لابد من استقرار الدولة الليبية أولا، وانتهاء الحروب والنزاعات بين أبناء الشعب الواحد، ثم يأتي بعد ذلك دور التخطيط لاستغلال الثروات المتوفرة حالياً لإقامة هذه المشاريع الإستراتيجية الكبرى.