منصة الصباح

فنون السرد العربي 3

 

بقلم: مفتاح قناو

نواصل في هذا الأسبوع الحديث عن فنون السرد العربية، ونعرج على أهم المحددات التي يرى النقاد العرب ضرورة وجودها ليرتقي مستوى القص العربي ابداعيا وهذه المحددات نجدها أكثر وضوحا في القصة القصيرة ومنها: التكثيف وهو من أهم سمات القصة القصيرة، لكن السؤال الذي قد يطرح ما هو التكثيف ؟ هل هو مجرد الاختصار في عدد الكلمات ؟

يرى كثير من النقاد بأن جماليات التكثيف تكمن في أن يحسن الكاتب اختيار الكلمات التي لا تخل بالنص، وذات مضمون يغني عن كثير من الاسترسال في التفاصيل، وهناك فرق واضح بين التكثيف والايجاز، لأن الايجار في مفهومه العام اختصار للحكاية أو القصة الطويلة بينما التكثيف يعني اختيار الكلمة المعبرة عن كثير من المعاني في ذات الوقت دون ابهام أو غموض.

كما أن الشعرية من مميزات النص الحديث، حيث يتسم النص السردي بالشعرية ليقترب النص القصصي من النص الشعري وتتوحد الكتابة في نص واحد، يقول الشعراء انه شعر، ويصر القصاصون على انه قصة.

وقد يستدعى العمل على القصة القصيرة أو القصة الومضة أن يجنح الكاتب إلى الرمزية، فيقصد الكاتب استدعاء أشياء أخرى غير ما يبدو من ظاهر القصة، ويكون الرمز دالا عليها وحتى يتمكن المبدع من مواصلة العمل، يجب عليه خلق الظروف المناسبة، فلا يمكن له انتظار قدوم الإلهام، بل على المبدع إغرائه بالقدوم حتى يتمكن من القبض على اللحظة الإبداعية وحتى يتمكن من ذلك عليه استخدام المفاتيح الآتية: التركيز، التركيز الشديد هو الذي يسمى أحيانا التوتر الإبداعي، وهو يعني أن عقل المبدع لا يهدأ ولا يسترخي، ربما يكون تأمليا ولكنه ليس متراخيا.

صناعة شكل ما والاهتمام به، ويبدأ بإجبار الذات على الكتابة ولو الكتابة العشوائية في البداية التي قد لا تصنع معنى كبير لكنها تكون أساس لشحذ الذهن، فصناعة شكل ما في البداية ستقودك إلى مزيد من الإبداع. واذكر هنا أن كاتبة اعتقد أنها كانت انجليزية قد زارت ليبيا في 2004 وأقامت ورشة كتابة بمقر رابطة الكتاب بحي الأندلس لبعض الكاتبات الليبيات وكان من ضمن ما أصرت على تعليمه لهن أن تقوم المتدربة بالنظر في المرأة وأن تكتب بدقة كل ما تراه من تقاطيع وملامح وجهها وتعبيرات حواسها وحتى النفاذ إلى أفكارها، وهكذا يمكن للكاتب أن يخلق مواضيع وأفكار وصور تحتاج إلى التدريب على الكتابة، فإتقان الكتابة يحتاج إلى المران والتدريب مثل الرياضة تماما. العزلة، ممارسة العزلة هنا لا تعني العيش في كوخ، لكنها تعني الانفراد بالنفس في مواعيد منتظمة عليك الالتزام بها لأنك في تلك اللحظة تعطي الأمر لدماغك بالعمل في اتجاه الكتابة ويصبح لديه حافز الاستجابة لهذا الأمر لأنه تعود ذلك الفعل.

الصبر، واساسه تكرار الكتابة لخلق أعمال جيدة وهذا يصنع حالة التراكم والنضج، كما أن خلق الثقة في النفس يكون من خلال الممارسة اليومية.

شاهد أيضاً

الصحافة تطرح إشكالية غياب المكتبات المدرسية على الطلاب والمجتمع في حوارية

التقت اللجنة الثقافية المشكلة بقرار من رئيس الهيئة العامة للصحافة مع عدد من المسؤولين بإدارة …