مفتاح قناو
نواصل في هذا الأسبوع الحديث عن فنون القص والسرد العربية، ومن الأمثلة الواضحة لنا في مجال التفريق بين الرواية والقصة القصيرة نستشهد بما ذكره الناقد والكاتب العراقي الدكتور عبد الإله الصائغ .
الذي أقام في ليبيا عدة سنوات قبل رحيله إلى أمريكا ــ في دراسته التي أصدرها في كتاب عن قصة (كاتارينا) للكاتب القاص المرحوم الأستاذ كامل المقهور، حيث يقول الدكتور الصائغ عن هذه القصة بأنها (رواية قصيرة) لأنها تحتوي ــ برغم قصرها ــ على كل مقومات الرواية.
وقد أصبحت القصة القصيرة جنسا أدبيا مستقلا في الأدب العربي منذ نهاية الثلث الأول من القرن العشرين وان كانت قد ظهرت في الآداب الغربية مع منتصف القرن التاسع عشر، حيث يعتبر النقاد كاتب القصة القصيرة الناضجة، فنان شديد الفردية ينظر للحياة من زاوية خاصة، ويتعامل مع الحياة بحساسية كبيرة، حيث يفسح المجال للشخصيات الهامشية وأحيانا المأزومة أن تكون بطلة لقصصه، لذلك كان هناك انجذاب مستمر للقصة القصيرة في اتجاه الخرافة، والنادرة، وحكايات الأطفال والقصص والنوادر الشعبية وكل التراث الشفاهي، لكن السؤال الذي يطرح أحيانا هو عن العلاقة بين القصة القصيرة وكثير من الأجناس السردية الهامشية ؟
ونجد أن العلاقة بينهما وثيقة فكثيرا ما تأخذ القصة القصيرة من هذه الأجناس الهامشية، فهي بالنسبة إليها معين لا ينضب، حتى أن البعض أعتبر أن سرعة التغيير هو من السنن الحميدة للقصة القصيرة، وأن ظهور أشكال أخرى منها يعتبر من علامات الإبداع فيها، لأنه يبدو من العسير الحد من الظواهر الأدبية من حيث طبيعتها وكنهها، خصوصا عند مقارنتها بمختلف أنواع التعبير الفني الإبداعي الأخرى.
ومن الظواهر الأدبية الإبداعية ما يعرف بالقصة الومضة، وهي تسمية ليست محل إجماع حيث يسميها البعض القصة القصيرة جدا أو الأقصوصة أو القصة اللمحة أو اللوحة القصصية، والاختلاف في التسميات ــ على أهميته ــ ليس هو بيت القصيد، لكن الهام جدا هو السؤال الذي يطرح عن هل يمكن اعتبار الأقصوصة أو القصة الومضة جنسا سرديا مستقلا؟
في اعتقادي أن اعتبار القصة الومضة جنسا أدبيا مستقلا هي مسالة صعبة، والخوض فيما يميز الأقصوصة عن القصة القصيرة ليس هو فقط في قصرها المتناهي اللافت للانتباه، بل أن هناك محددات أخرى يرى بعض النقاد أنها أكثر وضوحا وأهمية في الأقصوصة منها في القصة القصيرة.