بقلم / جمال الزائدي
لابد من تحييد الشياطين والملائكة في هذا الصراع..
وإعادته إلى سياقه البشري غير المقدس ..
كما ولابد ان نفرق بين رجال النظام السابق الفاسدين ورجال الدولة المخلصين..وبين من يريد استعادة هيبة الوطن وبين من يحلم باستعادة نفوذه وسلطانه وثروته المنهوبة من افواه الفقراء ..وبين من انحاز لفبراير المطلبية المشروعة ومن انحاز لفبراير تحطيم المعبد على من فيه ..وبين من ينتمي بقبيلته للوطن وبين من يريد أن يختزل الوطن في قبيلته.. وبين من يدافع عن حق تياره في المشاركة السياسية ومن يرى في العمل السياسي حصان طروادة للتمكين وإقصاء الشركاء ..
وبين من يحلم فعلا بالدولة المدنية الديمقراطية وبين من يريد أن يستخدمها كقميص عثمان لإدامة الفوضى والسطو والسرقة..وبين من يؤمن دون ادنى شك ان الجيش مؤسسة لا غنى عنها في استعادة الاستقرار والسيادة في دولة الدستور وبين من يريد ان يستخدمه مطية للوصول إلى مطامع سلطوية مريضة..
انسنة الفعل السياسي وحتى انسنة الفعل القتالي خطوة مهمة لرصد التفاصيل واكتشاف المشتركات التي تجمع الاشقاء الخصوم وتخفف من غلواء تنافرهم ..
يجب علينا جميعا ان ندقق في التفريق بين مصالحنا ورؤانا وأحلامنا واوهامنا وحتى مثلنا وقيمنا الخاصة وبين مصالح الوطن وأحلامه ووووو …فحتى إن كان الوطن بحساب ساذج يساوي مجموعنا كأفراد فليس بالضرورة أن تتطابق حسابات الوطن وحسابات الفرد ولو كان هذا الفرد زعيما وطنيا لا يرقى شك لاخلاصه ووطنيته..
التعبئة والتجييش واستثارة الحمية والتحريض على طلب الشهادة باستخدام تقنية الشعارات الأيديولوجية والقبلية والدينية قد تنفع في النفير العام لصد العدوان الخارجي الذي يستهدف وجود الجماعة ومواردها و كيانها..لكن ذات التقنية لاتصلح عندما تستخدم في سياق التدافع الطبيعي بين قوى المجتمع الواحد لان أثارها القصيرة والطويلة الأمد على النسيج الوطني تشبه احيانا أثار القنبلة الذرية التي لاتبقي ولاتذر ..
ينسب للرئيس ابراهام لنكولن قوله مخاطبا الأمة الأمريكية ابان الحرب الأهلية المدمرة التي اشتعلت بين الشمال والجنوب : – متحدون نقف ..متفرقون نسقط.. وكان في هذا الصدد يناشد الانفصاليين الجنوبيين الا ينسوا ان مصير كل الأمريكيين مرتبط بوحدتهم وليس بقناعاتهم المختلفة..
نحن في مسيس الحاجة لعقل ومنطق لنكولن لنرسم معا خارطة النجاة من هذا الفخ المحكم الذي اوقعنا فيه غرورنا ونرجسيتنا ونسجناه بخيوط مستوردة ظننا ان من زودنا بها يريد بنا خيرا فصفقنا له مسقطين من الحسبان ابسط مباديء السياسة التي تحث على الشك في نوايا كل غريب ..
فلنجلس حول الطاولة الان او فلنقتتل إلى يوم القيامة ..النتيجة التي لامهرب منها : اما ان ننجو معا أو نغرق معا ..