أقامت جمعيتا “فيمايل” و”دوائر”، بالشراكة مع منظمة “يونيسكو”، مؤتمراً إقليمياً بعنوان “تعزيز المساواة وكسر الصور النمطية حول النساء ودورهنّ في قطاع صناعة الأفلام”، في فندق “راديسون بلو مارتينيز” في العاصمة اللبنانية بيروت.
المؤتمر الذي شارك فيه ممثلون وممثلات عن منظمات المجتمع المدني ونساء عاملات في مجال صناعة الأفلام من سبعِ دولٍ عربية هي ليبيا، والمغرب، والجزائر، وتونس، ومصر والأردن ولبنان، كان نتاج ورشةِ عملٍ عُقِدَت منذ سنةٍ ونصف. وتمحورت الورشة حول تعزيز وجود النساء ومشاركتهنّ في صناعة الأفلام وكسر الصورة النمطية التي تعطى لهن في هذا القطاع، وفق ما أشارت حياة مرشاد، الصحافية والعضوة المؤسسة والمديرة التنفيذية بالشراكة في جمعية “فيمايل”.
وقالت مرشاد إنّ “ورشة العمل مرّت بمرحلةٍ أولى ارتبطت بالتواصل مع النساء بشكلٍ مباشرٍ، إذ حاولنا تأسيس شبكة تُرجِمَت لاحقاً بدليلٍ رقميّ يتضمّن سيرهنّ الذاتية وأعمالهنّ، بهدف التواصل معاً والوصول إلى المنتجين والإعلام ومحاولة ضمّ أكبر عددٍ من النساء”.
وفي مرحلةٍ ثانيةٍ، تابعت مرشاد، “أقمنا شبكة إقليمية مع منظماتٍ ونساءٍ يعمَلن في قطاع صناعة الأفلام، بالإضافة إلى ناشطين وناشطات في الدول السبعِ المذكورة، من أجل العمل سوياً لمعرفة كيفية تحقيق العنوان العريض الذي يتمثل بتعزيز وجود النساءِ وكسر الصور النمطية. من هنا كان اجتماعنا، على مدى يومين قبل المؤتمر، لمناقشة القضايا والخروج بتوصيات ختامية والعمل على تطويرها حتى تكون بمثابة خريطة طريق لمتابعة العمل”.
وأكدت مرشاد أنها لا تستسهل لوم النساء بوصفهنّ ضحية في هذا القطاع، بل تبحث عن الأسباب التي تمنع المرأة من المشاركة فيه، انطلاقاً من الأسئلة التالية: هل قطاع صناعة الأفلام صديقٌ للنساءِ ويشكل بيئة آمنة لهنّ؟ هل هناك آليات تساعد النساء على الانضمام إلى القطاع من دون أن تدفع أثماناً أخرى، سواء في حياتها أو عائلتها أو مجتمعها أو على حسابها كامرأة؟ وهل هناك فجوات في الأجور؟
من هنا، اعتبرت أنّه “يجب البحث في الأسباب الجذرية التي تساهم في إعطاء هذه الصورة بهدف كسرها”. كما حمّلت مرشاد “المنتجين المسؤولية الأكبر في تصوير المرأة وكأنّ عملها ينحصر في إطار ربة المنزل التي تطبخ وتطعم الأولاد وتساعدهم في دروسهم… مع التركيز على الصورة الجمالية للمرأة وإهمال الممثلات والعاملات المحترفات، واستسهال لغة المجتمع بهدف جذب المشاهدين، بدل تحدّي الأفكار النمطية”، إذ “من واجبهم تطوير المجتمع في أعمالهم على اعتبار أن دور المرأة لم يعد يقتصر على المهام المشار إليها، ومواكبة إنجازاتها في مختلف القطاعات”.
بدورها، اعتبرت اللبنانية مورييل أبو الروس، وهي أول مديرة تصوير في العالم العربي، أنّ على المرأة أن “تأخذ حقها بيدها وتعبها ومثابرتها وإيمانها بموهبتها من دون أن تنتظر من يمنحها هذا الحق”، متحدثة عن تجربتها بالإشارة إلى أنّها لم تلقَ الدعم أو حتى التشجيع عندما أعربت عن رغبتها بالدخول في مجال صناعة الأفلام وإدارة التصوير، “بحجة أنّ العمل فيه الكثير من التعب والإرهاق الجسدي والصعوبات، وهو يصب أكثر في خانة الرجال، ومع ذلك تبعت حلمي وشغفي وأصبحت مديرة تصوير”، هي التي كانت تعتبر عمتها، الممثلة اللبنانية هند أبي اللمع، مثلها “الفني” الأعلى.
أما التحدي الأكبر بالنسبة إلى أبو الروس، التي حازت على جوائز عالمية عن أعمالها السينمائية وأفلامها الوثائقية، فلخّصته بـ”النظر إلى المرآة والقول بصوتٍ عالٍ أنا أحب هذا الشخص أمامي، وأحترمه، وأريد أن أحققَ حلمه”.
من جهتها، قالت الكاتبة الجزائرية فاطمة زعموم، إنّ المؤتمر “مهمٌّ جدّاً لناحية التقارب والمقارنة والقراءة في تجارب الزميلات من مختلف البلدان، خصوصاً أننا كنساء عاملات في مجال صناعة الأفلام لدينا رؤية مشتركة وهدف مشترك يرتكزان على تغيير صورة المرأة النمطية، وتحديداً الممثلات والعاملات في السينما ومجمل القطاع”.
ورأت أنّ صناعة الأفلام تختلف بين بلد وآخر، سواء من ناحية القوانين أو الظهور أو الإمكانات المادية، “ففي لبنان على سبيل المثال هناك وجود كبير للنساء في هذا المجال، أما القوانين في تونس فتعتبر الأفضل، والجزائر بدورها لديها إمكانات كبيرة بيد أنّها تحتاج إلى تحسين القوانين أكثر، في حين أنّ المغرب لديه الحركة اللافتة في المجتمع المدني لكنه لا يصل إلى كل الطبقات المجتمعية”.