زايد..ناقص
جمعة بوكليب
تلويحة وداع حزينة منّي إلى السيدة ستيفاني ويليامز، نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بمناسبة انتهاء مهامها في نهاية الشهر القادم، وشكراً على جهودها التي عملت على اعادة قاطرتنا المعطلة لسنوات، على القضبان، وتحريكها للامام. ومرحباً بالمبعوث الأممي الجديد القادم من جمهورية سلوفاكيا -الذي سيصلنا قريباً محمّلاً بفشله في مهمته بلبنان- على تعيينه مبعوثاً أممياً، لواحدة من أعقد القضايا. ومبروك لأهلنا في ليبيا على قرار مجلس الأمن الدولي، أخيراً، بالموافقة على تعيين مبعوث أممي آخر، يضاف، على عجل، إلى قائمة ليست قصيرة، ممن سبقوه من مبعوثين خائبين، وعلى أمل أن تنتهي مهامه سريعاً بفشل مؤكد مثلهم، كي يتيح الفرصة لمبعوث جديد، آخر، من جنسية مختلفة لتجريب حظه، ونيل ما يستحق من ترقيات وأعطيات، تضاف إلى سلسلة خبراته في سيرته الشخصية.
التعيين الجديد، كما أقتضت العادة المتعارف عليها، والتقاليد التي أرسيت خلال الأعوام الماضية، يتطلب، بالضرورة، احداث تغييرات سريعة على مستويات عدة داخلياً وخارجياً، لكنها، على وجه الأجمال، تغييرات”اكسسوارية”، بمعنى أنها لاتمسُّ أياً من الخطوط الحمر ذات الصلة الوثيقة بمصالح دناصير محلية، وأطراف عربية وأقليمية ودولية. وعلى المبعوث السلوفاكي الجديد، إن رام بقاء، أن يكون سريع البديهة، ويحب التعلم، كي يتعرّف على تلك الخطوط، ويبتعد عنها قدر المستطاع طلباً للسلامة، وتجنّبا لمصير سلفه اللبناني سلامه.
في لعبة الصراع الدولي على المصالح والنفوذ في ليبيا، لا مجال ولا فرص لهوامش، من الممكن أن تؤدي إلى أخطاء، قد تفضي إلى الحاق أضرار بتلك المصالح الأجنبية، أو تؤدي إلى تقليص ولو بوصة واحدة من حجم النفوذ، وما تحقق لكل طرف من مكاسب على الأرض. الأمر لا يختلف عن لعبة شدّ حبل. كل خطوة يخسرها طرف على الأرض، من المحتمل أن تقرّبه من خط النهاية، وتُسرّع بخروجه من السباق، مالم يتدارك الموقف، ويجدد قواه وبسرعة، ليستمر في المنافسة، واحتمال الفوز بالجائزة. ومهمة المبعوث الأممي الجديد، بعد أن حظي بموافقة كل الأطراف- عقب مفاوضات ومناورات ومشاورات ووعود ووعيد، وهمس ولكز ولمز- وراء كواليس وأبواب مغلقة، أن يحافظ على مكاسب تلك الأطراف الخارجية المتورطة، والباقي” عليه الطويل ينادي”.
وما حدث، في تفسيري الشخصي، هو أن ما قامت به السيدة ستيفاني ويليامز، من تمزيق السيناريو المتفق عليه، وتصميم سيناريو جديد، يتجاوز من أسمتهم بالدناصير المستفيدة من استمرارية الوضع الراهن ومن يدعمونهم من حلفاء أجانب، خلق هزّة تجاوزت تداعياتها ليبيا، لتصل، بسرعة ضوئية، إلى عواصم عربية وأقليمية وأوروبية. الهزّة المذكورة كانت من المفاجأة ومن الشدة، أنها عجّلت الدول المتورطة في ليبيا إلى تناسي خلافاتها وعداواتها، وسعت إلى عقد اجتماعات سرّية سريعة، كلها تهدف إلى ضرورة حث مجلس الأمن الدولي على الموافقة على اختيار مبعوث أممي جديد، وعلى وجه السرعة، بحيث يمكن استبعاد السيدة ويليامز من المسرح كلية، ورد الأمور إلى ما كانت عليه.
السيدة ويليامز حذرت في مقابلة أجرتها، مؤخراً، مع صحيفة الجارديان البريطانية من محاولات سعي دناصير محلية إلى وضع العصي في الدواليب لايقاف استكمال برنامجها الذي بدأ في اجتماعات تونس. ومن الواضح أن تلك الدناصير المحلية تعارضه، سعياً لتمديد واستمرارية وضعية الحالة الراهنة، لضمان مصالحهم ونفوذهم ومصالح من يدعمونهم من دول أجنبية، والأهم من ذلك، ضمان سلامتهم مستقبلاً من إمكانية تعرضهم للمحاكمة وللعقاب على ما أرتكبوه من أفعال تصنف بلغة القانون ” جرائم جنائية وانتهاكات ونهب للمال العام”.