منصة الصباح

ماذا بعد تلجينات برلين؟

كاميرا خلفية

بقلم / أحمد الرحال

قال صاحب اللسان: لجن الورق أي خبطه وخلطه بدقيق أو شعير. وقال: تلجّن الشيء أي تلزج؛ أي صار لزجا.وقال أيضا: شيء لَجِنٌ أي وَسِخٌ. وقال أيضا: ناقة لجون أي حرون.

في مقابل هذا كله هناك اللُّجَيْن وهو الفضة. وفي القاموس المحيط: اللجنة هي الجماعة يجتمعون في الأمر ويرضونه.

أذكر أيام القذافي المقولة التي اشتهرت حينها: اللجان في كل مكان. وكان هناك بسكويت الشمعدان وقد كتب عليه: الشمعدان في كل مكان. فتندر بعضهم حينها بقولهم إن اللجان مثل الشمعدان في كل مكان.

الشمعدان كان ملجأ للأطفال ولمحبي ذلك النوع من البسكويت، وكان بعضهم يطحنه وهو داخل غلافه ثم يستمتعون بأكله مدقوقا. أما اللجان حينها فقد كانت في التعبير الجاد شيئا مخيفا، فالتعبير كان مرتبطا باللجان الثورية التي أرعبت الناس حينها، ومرتبطة أيضا باللجان الشعبية التي كانت في مقام السلطة التنفيذية.

شعوري يكون مشوبا ببعض القرف وأنا أتذكر اللجان أيام القذافي وحين أقرأ في اللسان أن تلجن تعني تلزج أي صار لزجا، وكأن فرض اللجان في كل مكان كان نوعا من التلزيج ليكون كما كان، شيئا مرعبا ومزعجا ومملا. وفوق ذلك تكوّن عند الناس شعور بأن أي أمر يشكلون له لجنة يكون في حكم الضياع. تلك كانت مقدمة للحديث عن الوضع في ضواحي طرابلس، فالحرب لم تتوقف على الرغم من الاتفاق على وقف إطلاق النار، غير أن المعتدي الأثيم أعلن وقف إطلاق النار وهو مستمر في الإطلاق. إنها سياسة خلط الأوراق وتحويل الحالة إلى لزوجة مسمومة مرعبة. ثم في برلين أعلنوا عن لجنة 5+5 التي ستتابع، حسب قولهم، وتراقب وقف إطلاق النار.

هي لجنة من خمستين، خمسة ممثلين عن كل طرف من طرفي الحرب.حالة التلجين ثم التلزيج قد تنتج نوعا من التوالد اللزج لتأزيم الحالة، خصوصا مع تعهد الدول الداعمة بالتوقف عن الدعم والتدخل، فهل سيكون هناك توقف فعلا؟ أم أن الخلط والخبط واللزوجة سينتج عنها إصرار على استمرار الهجوم على طرابلس؟ما زاد التلجين لزوجة هو التعدي على منابع النفط وإقفال الموانئ النفطية.

والأسئلة التي ينتظر المواطن المهجر من بيته والمواطن المرعوب من الحرب إجابات عليها هي: ماذا بعد برلين؟ وماذا بعد هذا الغموض الذي يكتنف الوضع الليبي عموما؟ هل سنعود إلى بيوتنا؟

هل سيعود أبناؤنا إلى مدارسهم؟ أم هل يجب أن نتوقع المزيد من الدماء والقتل والتهجير والدمار؟أسئلة تدور في ذهن المواطن وهو يسمع عن تشكيل لجنة لن تجتمع إلا بعد أسبوع، وخلال هذا الأسبوع كم من الدماء ستسيل وكم من الدمار سنشهد؟ ثم بعد تشكيل اللجنة هل ستبدأ في عملها بما يناسب ما يتطلع إليه المواطن أم أن تشكيل اللجنة سيكون مزيدا من اللزوجة المقرفة المرعبة ؟

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …