د ابوالقاسم عمر صميدة
خلال الحرب الروسية الأوكرانية التى تهز العالم هذه الأيام، كشفت العنصرية عن وجهها القبيح والبشع، واتضح أنها مكون رئيسى من مكونات العقل والفكر الغربي، وقد حاول المتفرنسون العرب “والمتحضرون” ودعاة الإستغراب الترويج للقيم الإنسانية وحقوق الإنسان والزعم بأن الغرب إنما يحاول النهوض بالإنسان وإنه لا يُفرق بين الأبيض والأسمر، بين المسلم والمسيحي، بين الأوروبي والأسيوي والأفريقى، لكن هذه الحرب نزعت الغطاء الفضفاض للدعاية الكاذبة والتمويه الساذج الذى مارسه الغرب وإعلامه العدواني الذى يدعى الموضوعية والحقيقة والشفافية، فعلى حدود “أوروبا القديمة” إنهارت كل تلك المزاعم واتضح انها مجرد فيلم هوليودى يشبه الرسوم المتحركة التى تخدع الأطفال وقصيرى الأفق، فالعبارات التى يسوقها الخطاب الإعلامى الغربي لوصف المهاجرين الأوكرانيين ضحايا الحرب الكارثية بأنهم ( مختلفون عن نازحى العرب والمسلمين والأفارقة ) ووصفهم بأنهم ليسوا من العالم الثالث، والحديث مجددا عن العرقية ووحدة الدم، وهو مضمون الخطاب النازى الهتلرى فى التحليل النهائى، هذا الخطاب المؤسف يعيد البشرية الى أزمنة الرق والعبودية و”الباكس رومانا” حين كانت روما تحكم العالم بالحديد وقوانين الغاب، ومنذ أشهر تصدى الجيش البولندى لمهاجرين عراقيين وأفغان وأفارقة ومنعهم من دخول “جنة الأرض البولندية فى طريقهم لأوروبا القديمة” وقام البولنديون بوضع الأسلاك الشائكة والسواتر لمنع تسلل العائلات الفارة من جحيم الحروب التى أشعلها الغرب، والآن تفتح بولندا والمجر وكل الدول المجاورة لأوكرانيا أراضيها وتستقبلهم بالزهور، فقط لأنهم بيض ومسيحيون، وعلى وصف وسائل الإعلام الغربية وتوابعها انهم ليسوا من العرب والأفارقة، فياله من خطاب بغيض ومخزى، والغريب حتى بريطانيا التى نفضت يدها من أوروبا والتى كانت قبل أشهر ترفض انقاذ القوارب الغارقة وتمتنع عن إنتشال الجثث لغرقى المهاجرين الفارين اليها عبر بحر المانش، حتى بريطانيا قامت بتغيير قوانينها لإستقبال اخوانهم الأوكران!، والأدهى من ذلك أن رئيس وزراء بولندا قال إنه لا يضيره أن يكون عنصريا، وقال إنه جاء للسلطة لأنه ضد المهاجرين العرب والأفارقة … وهكذا تبدو أوروبا المتحضرة مجرد دول إنتهازية متعطشة لفكر روما القديمة، ومتماهية مع الفكر الهتلري البغيض، وأمام هذا المشهد المهول فعلى العرب والعالم الثالث أن يعتمد على نفسه، وأن يتجه للتنمية وان يستخدم إمكانياته الذاتية وأن يبتعد عن الخصومات والحروب التى يصنعها ويؤججها الغرب.