مفتاح قناو
تقول الحكاية أنه في عام 1947م قام الرحالة الصديقين التشيكيين هانزليك وسيجموند وقد كانا زميلي دراسة، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وتحرر الجمهورية التشيكية من قبضة الاحتلال النازي، قد فكر الصديقان في رحلة حول العالم، وقد رعت رحلتهما شركة (تاترا) لصناعة السيارات التشيكية،حيث انطلقا فعلا من بلادهما باتجاه أوروبا الغربية بواسطة سيارة نوع (تاترا) تشيكية الصنع حتى وصلا جبل طارق جنوب أسبانيا ثم عبرا المضيق علي ظهر إحدى السفن حتى مدينة طنجة المغربية ومن مدينة طنجة انطلقا باتجاه الشرق ليعبرا الجزائر وتونس .
في شهر مايو 1947 دخلا الأراضي الليبية عبر منفذ رأس أجدير ووصلا إلي مدينة طرابلس ، وشاءت الصدف أن يحدث عطل كبير للسيارة يمنعها من الحركة باتجاه مصر ، حيث بقي الصديقان في ليبيا مدة شهرين قاما خلالها بالتقاط عدد كبير من الصور الفوتوغرافية التي توثق لمظاهر الحياة في ليبيا في ذلك الوقت، حتى وصلتهما سيارة بديلة عن السيارة التي تعطلت التي لم تعد صالحة لمواصلة الرحلة ، وقد قاما الرحالة بتوثيق هذه الرحلة المبكرة في عمر الدولة الليبية، بتصوير عدد كبير من الصور لطرابلس ومناطق الجبل الغربي وعلى طول الطريق الساحلي حتى الوصول إلى مدينة بنغازي وباقي المناطق الشرقية من ليبيا وعلى وجه الخصوص مدينة طبرق التي لها مكانة خاصة في ذاكرة الشعب التشيكي حيث حاربت الكتيبة التشيكية ضمن قوات الحلفاء ضد التحالف النازي، ودفن عدد كبير من قتلاها في مدافن الحرب العالمية بمدينة طبرق.
واصل الرحالة هانزليك وسيجموند رحلتهما من القاهرة باتجاه الجنوب بمحاذاة وادي النيل عبر السودان وأثيوبيا حتى وصلا جوهانسبرج بجنوب إفريقيا ومنها انتقلا بواسطة إحدى السفن إلى قارة أمريكا الجنوبية ليواصلا رحلتهما حول العالم.
بعد قيام الدولة الشيوعية وإلغاء النظام الرأسمالي وتأميم المصانع ومنها مصانع سيارات ( تاثرا ) التشيكية راعية الرحلة، بقي الرحالة الصديقان في وظائف هامشية ممنوعين من السفر يحتفظان بأعمالهما الإبداعية حتى سقوط النظام الشيوعي في نهاية عام 1989 م .
في تسعينيات القرن العشرين أقام الرحالة الصديقان هانزليك وسيجموند معرضهما الدائم من الصور التاريخية النادرة التي يحتفظان بها بمدينة زلين في إقليم مورفا شرق الجمهورية التشيكية، متضمنا أهم الصور التي تمثل ذاكرة ليبيا عن تلك الفترة والتي مازالت تعرض حتى يومنا هذا.