منصة الصباح

كيف عاش أهل سرت في ظل تنظيم الدولة الإسلامية  «داعــــــــــــــش )) ؟ 3

رسالة على هاتف والد أحمد : إذهب واستلم جثّة إبنك

أول ضحايا تنظيم « داعش»  صلب بجزيرة الزعفران

أرملة أحد الدواعش;  «منعني من مشاهدة التلفاز» ولأول مرة سمعت كلاماً عن الذبح والتصليب والاغتيال

إرهاصات نضالية .. الجانب النضالي لأهالي سرت ضد ما يُعرف بتنظيم الدولة الإسلامية ..

(مفتاح سالم بو زميتة) .. يروي لصحيفة الصباح .. فجيعته بأخيه أحمد وصديقه إبراهيم الهادي .. ورحلة تهجيرهم من بيتهم ومدينتهم من قِبل «داعش» وتداعيات تلك الفاجعة ..

البنيان المرصوص مطالباً بالثأر لأخيه ورفيقه، وتطهيراً لسرت والوطن من تلك الحقبة.. رصدها / الفريق الصحفي بمكتب سرت .. لأنه كان برفقة، صديقه «إبراهيم» .. الذي اصطحبه بسيارته لتعبئة الوقود من أماكن بيعها بـــ»السوق السوده» آنذاك، وتحديداً بالساحة الأمامية لمحطة تحكم الخليج، التابعة لشركة الكهرباء .. بـــ»حي الزعفران» بالمدينة، والتي كانت تمثل المركز الرئيسي لبيع الوقود .. فهنالك يتم البيع والتزود وبأسعار خيالية تفوق «الديناران والنصف للتر الواحد» آنذاك .. وسط مأساوية الحياة وضنكها، وشُح السيولة المالية، وتدهور الأوضاع المعيشية والأمنية .. فوقفا هنالك وترجّل «إبراهيم» للتزود، إذ بثلاث سيارات للتنظيم تقف خلف سيارته .. نزل منها مجموعة ملثمة يحملون أسلحتهم ترجلوا إليه مسرعين وبإرهاب مطلق لتكبيله، ضارباً إياه أحدهم ((بأخمص البندقية)) .. ليقع رهن الأسر ..

لم يتمالك ((أحمد)) نفسه بأن يرى رفيقه إبراهيم يُفعل به هكذا، فحاول الذود عنه بكل ما أوتى من قوة لكنه سرعان ما وقع مغشياً عليه أيضاً، إثر الضرب المبرح الذي لقاه منهم .. برغم أن «أحمد» لم يكن في قائمة مطالب داعش على الأقل في تلك الحادثة الآنية، لأن مجموعة التنظيم التي نفذت عملية القبض جاءت صوب (إبراهيم الهادي) فقط، ولم تذهب لأحمد ولا للسيارة، إلا حينما حصل ما حصل .. فوقع «أحمد» أيضاً رهن الأسر رفقة رفيقه إبراهيم ونُقلا إلى حيث القدر وفجيعته وتداعياته، وأُغلقت هواتفهما، وانقفلت كل وسائل وطرق التواصل معهما.

ارتعدت فرائس الأهل والجيران والأحبة من سكان المدينة، وتواترت الأحداث وازدادت وقعاً بنفوسهم، وتفاقم الخوف والهلع من فقد أحمد وصديقه إبراهيم اللذان لم يُعرف مصيرهما ولا أي شاردة أو واردة تنبئ عنهما بخير أو غيره .. فلجأوا بعد الدعاء إلى الله في اليوم الثاني من الفقد .. ثالث أيام شهر رمضان المعظّم من العام 2015 .. إلى كل مسميات التنظيم وصُنوفه .. «الحسبة والشرطة الإسلامية وغيرهما، علّهم يجدوا ما يسقي ظمأ الأم، وقلق الأب والأقران بوجود المفقودين لديهم على الأقل .. فكانت الأجوبة وبنفس الكلمات وفي كل الجهات :-

((أحمد ورفيقه ليسوا لدينا .. وسنحاول بكل وسائلنا مساعدتكم في الحصول عن أي خبر عنهم وعن مصيرهم)) .. بقي الترقب والأمل رهين أم أحمد وأبيه وذويه واحبتهما جميعاً إلى قرابة الشهر أو ما يزيد عنه .. أي الى أول أيام عيد الفطر المبارك .. فكانت بدايات النهاية ترتسم .. وكانت المهاتفة مختصرة مع أبا أحمد .. الذي تلقى مكالمة مفادها:-

((نحن دولة الخلافة: ابنك أحمد موجود لدينا بالسجن .. بإمكانك المجي لنا بمقر اللجنة الأمنية «الأمن الداخلي سابقاً» .. لزيارته .. وانقفل الاتصال !!!»))

لأن (أحمد سالم بوزميتة) .. كان أول ضحايا تنظيم « داعش» الإرهابي .. صٌلِب بجزيرة الزعفران .. المدخل الغربي لمدينة سرت .. ثاني أيام عيد الفطر المبارك الموافق 2015.07.18 بتهمة التجسس .. وبدورنا نحن «الصباح» .. وعلى غِرار ذلك وتجلياً لإرهاصات المقاومة بسرت في ظل تلك الحقبة .. وإنصافاً لمدوّنة الفقد وتداعياته، والانكسار الجاثم على قلوب أهالي المدينة، وكذلك تجلياً للصورة المأساوية القابعة في النفوس بتعايش الأم والأب والإخوة «فوبيا» داعش واجنداتها الخارجية وأدواتها وخفاياها .. كان لقاؤنا مسترسلاً مع .. المواطن «مفتاح سالم بوزميتة « شقيق الشهيد الذي التحق بمهمة الدفاع عن سرت بعد رحلة تهجير ومعاناة منذ ذلك التاريخ، طلبا لثأر أخيه وتحريراً لسرت وترابها الطاهر من هذا الورم الذي استشرى، فأصيب كغيره من الجرحى والمفقودين من أبناء الوطن الغالي خلال ملحمة كل الليبيين (البنيان المرصوص) .. التي كانت نصرة لآهالي سرت وترابها ضد ( تنظيم الدولة الاسلامية ) .. بدأ مفتاح حديثه وبقلبه وجع وغصة جراء سؤالنا له عن تفاصيل حادثة أحمد ورفيقه .. فقال :- الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه .. أخي «أحمد» كان شاباً في مقتبل العمر يعمل بجد ودون كلل بعمله الخاص وبسيارته النقل الخاصة، نوع (متسو بيشي «كنتر») ليتمكن من لملمة احتياجات زواجه المقترب آنذاك .. قبل فقده بليلة كان قادماً من طرابلس .. ولم يمض يوم كامل على وجوده بسرت حتى وقع رهن الأسر رفقة صديقه (إبراهيم) – وهما ذاهبين لشراء وقود للسيارة ((وتلك الحادثة رواها لنا شاهد عيان سوداني الجنسية كان يعمل لدى إبراهيم .. فأخبرنا عن الأسر واحداثه وتفاصيله بعد أن أخبرنا التنظيم أن أحمد لديهم وبعد أحداث تصليبه وفجيعتنا بذلك الحدث المروّع)) .. كانت النفوس مهشمة ويعتريها الخوف أثناء بحثنا عنهما ودون كلل في كل الأماكن العامة وفي ضواحي المدينة .. المترامية .. ولكن دون جدوى !!. بعدما تم إبلاغنا بأن أخي أحمد موجود لدى التنظيم وأن الوالد تلقى منهم مكالمة صوتية وتحديداً من المكنى «أبو إسلام .. أحد قيادات التنظيم» الذي أعطاه الإذن بالمجيء لزيارته، فلم تتمالك نفسه صبراً من شدة الفرح والهلع في ذات الوقت، فجاء مسرعاً من مزرعته فور انتهاء الاتصال معه، ليبلغنا بأن أخي موجود على قيد الحياة، مع عدم ثقته من تداعيات قبضة «داعش» والمصير المجهول الذي يلاحق ابنه .. فذهب الوالد وأحد أعمامي وابنه إلى مقرهم، فأدخلوهم في غرفة وفتحوا لهم جهاز كمبيوتر محمول .. شغلوا منه مقطع فيديو لأخي (أحمد) وهو يتحدث: (أنا بصحة جيدة ولا تخافوا عليا .. فأنا بخير) .. غير إن الوالد لم يتمالك نفسه من الخوف على مصير الابن، لقراءته في كلماته أنها مفبركة ، وأن تقاسيم وجهه لم تكن بسكينتها وسريرتها .. فأغلق الكمبيوتر سائلاً إياهم: ما قضية أحمد !!؟ وما المطلوب منا نحن أهله من ضمانات بشأن إطلاق سراحه !!؟ إن كانت له قضية!!! كان جوابهم مسترسل ومطمئن: أحمد بعد ساعات سيكون خارج السجن !!؟ فرح الوالد بوعودهم .. وطلب منا تجهيز الذبائح للفرح بإطلاق سراحه .. وعمت تباشير الفرح بالبيت والجيران والأهالي بسرت .. وبدأوا يتوافدون علينا فرحاً وتهنئة للوالدة تحديداً التي بالكاد انشطر قلبها على أحمد .. فجأة ودون سابق إنذار .. جاءنا خبر مفاده .. أن هنالك شخص مصلوب وسط جزيرة الزعفران .. مكتوب أعلى جسده «جاسوس ليبيا» .. ذهب أخي مسرعاً وعاد بعد وقت قصير وقال إن المصلوب ليس أخي أحمد .. ذهبت أنا وزوج أختي مباشرة للمكان المروع ونظرت إلى المصلوب وأنا أتجادل مع زوج أختي أنه ليس «أحمد» .. وحقيقة قد كان المصلوب أخي أحمد .. ولم أتعرف عليه، لأن جماعة التنظيم الإرهابي يحوطون بجزيرة الدوران ويمنعون أي احد من الاقتراب .. وحاولت الاقتراب مراراً لكنهم منعوني .. فلم تظهر صورة أحمد أمامي أبداً برغم تمترسي في المكان إلى أن طردوني .. رجعنا للبيت فوجدنا أجواء تنبي أن المصلوب أخي .. حيث وجدنا انتشار لمسلحي داعش في الاجواء القريبة من بيتنا وبمعظم الشوارع .. تواصلنا مع أعيان قبائل سرت للمشورة والتصرف، بعد تخوفنا على مصير أخي ورفيقه، وبالأخص عندما لم يطلق سراحه حسب وعودهم المزعومة .. ولم نتمكن من التواصل مع المكنى «أبو إسلام» الذي وجدنا هواتفه مقفلة .. تحصلنا خلال تلك الجهود على التواصل مع احدهم والذي قال لنا (اصبروا إلى الساعة 10 مساءا.. لنرى بعدها ما سيحصل بشأنه) .. كانت الساعة العاشرة هي كلمة الفصل بشأن مصير الأخ والسند (أحمد) .. إذ كانت المفاجأة بتلقي رسالة على هاتف الوالد من «أبو إسلام» مفادها: ((إذهب لاستلام جثة ولدك .. فهو المصلوب وسط جزيرة الزعفران !!!؟؟)) تسمّر الوالد في مكانه وانهارت قواه ولم يتمالك نفسه من الحزن ووقع الفجيعة على قلبه التي لم تكن واردة بحسبانه .. خرجنا جميعنا وذهبنا إليه مع ظهور الصباح وبعد تصارع معهم سمحوا لنا بتنزيله ونقله .. وبعدها ذهبنا به لدفنه بمقبرة سرت «بن همال» .. فمنعونا من دفنه بها .. ورموا من فوقنا أعيرة نارية جمة .. وقالوا مثل هذا لا يدفن بمقابر المسلمين .. فعدنا به إلى البيت، ومساءاً ذهبنا به لمقبرة «السواوة» وحاولوا منعنا من دفنه لكننا لم نتراجع أمامهم فتركونا نمر وننهي مراسم دفن أخي الذي بفاجعته تلاحقت معنا الهموم والمآسي .. إذ حاربونا بوسائل عدة لطردنا من سرت وكانوا يريدون تصفية غير أحمد لو تركنا لهم الظروف كما شاءوا .. لكننا وبحكمة أصحاب العقول النيرة من أهل سرت جُبرنا كرهاً بمغادرة المدينة متسللين هرباً من مطاردة داعش الذين استباحوا ممتلكاتنا ومزرعتنا وحتى المواشي لم تسلم منهم رمياً بالرصاص .. وأقاموا ببيتنا وحرقوا بعض من غرفه وبالأخص غرفة أحمد وممتلكاته .. وعلى إثرها بدأت معاناة أمي التي لاتزال تطاردها صورة أحمد مما اجترها للوقوع في قبضة الهاجس النفسي .. فصرنا نعاني آلامها ونشاركها مرضها النفسي الي هذه اللحظة هو لصيقها وكاتم أنفاسها .. لا أخفيكم أنني منذ فقدي لأخي الغالي وخروجي مكرهاً من سرت. وأنا أحمل في داخلي حقداً لا يساويه حجم أو مكان .. وصرت اترصد لأي أحد تربطه علاقة بمثل أولئك الخوارج الذين عثوا في بلدي فساداً .. إلى أن جاءت ساعة الحسم والتحمت الجموع الليبية في ملحمة البنيان المرصوص .. فكانت بداية الانتقام وأخذ الثأر، وأنا أرى جسد أخي المصلوب الذي أستمر لزهاء الاربعة والعشرين ساعة في منظر تقشعر منه الأبدان، وهز مشاعر كل أهالي سرت بل الليبيين جميعا  وتيقنت الجموع أن هذا التنظيم حقيقة، وأن أهدافه تكشفت وكشر عن أنيابه في استباحة الدم والعرض والممتلكات .. وفي الختام أفضى مفتاح بأننا لا نشحذ قدرنا أو نطالب بتعويض مادي عن فجيعتنا بالأخ ورفيقه .. بقدر ما نوجه لومنا للمنظمات الإنسانية والمجلس البلدي الذي لم يشعر بآلامنا، ولم يشعرنا حتى بصيغة الاهتمام بالأثر النفسي وتداعيات الفقد التي لازالت تطارد أسر الشهداء حتى اليوم ..

المواطن « م . غ « : في يوم من الأيام وخلال بدايات داعش في سرت إي في الوقت الذي لم تكشر فيه عن أنيابه بعد .. حيث تم استدعائي من قبل اثنين من أمراء التنظيم ، وعندما قابلته في المكتب وجدت معهم اثنان ممن يطلقوا عليهم المهاجرين العرب  احدهم اعتقد فلسطيني الجنسية والأخر سوري الجنسية  وفتاتين يزيديتان من العراق .. أخبروني أن هؤلاء من أخواننا المهاجرين وهاتين الفتاتين يزيديات (((سبايا))) ويريدا منك العقد عليهما .. فقلت لهم : لا يجوز ذلك … فقال لي الجالس علي كرسي المكتب ضاربا بيديه الاثنتين الطاولة مهشما زجاجها: انتم « يا كفره يا عباد القوانين الكفرية « انتم من أطلتم في أعمار الطواغيت وأعوانهم .

فقلت له في قوانين الأحوال الشخصية الليبي ومنذ عام 1937 لا توجد به آمة ولا سبيّة  .. فالقانون الليبي يعامل كافة الليبيين علي أنهم أحراراً .. استناداً إلى خطاب سيدنا عمر بن الخطاب حينما قال : متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً » .

وقلت له لكنني لديا الحل لذلك فهدأ قليلاً وتراجع في جلسته ناظراً إلىّ  وأنا أحدثه بكل ثقة : فقلت له الحل لا يكون إلا بإخلاء سبيلهن ومنحهن الحرية المطلقة وعليهن إيفاء نصف عدة المرأة المسلمة .. أي شهر ونصف وبعدها نأتي جميعاً وتكون إي منهما حاضرة وتتم استشارتها من طرفي أن كانت موافقة على الزواج به أم لا، فإن وافقت عقدنا لهما علي كتاب الله وسنة رسوله, وإن رفضت فليس بالإكراه ذلك .. فانتفضت فرائسه مهدداً إياني بأنني سأدفع ثمن هذا الكلام وفي أقرب وقت  وطردني من المكتب فخرجت منهم إلي البيت ومن البيت وبقرار مطلق لا رجوع عنه إلى خارج سرت وخارج حدود داعش وجنده.

هنا تروي لنا احد أرامل أكبر قياديي التنظيم قصتها :

تعرفت عليه من قبل إحدى صديقاتي علي انه شخص ملتزم دينيا وخلوق وفي فترة قصيرة جدا تزوجنا .

ومن اول ليلة راودني شعور غريب اتجاهه من تصرفاته وكلامه ومنعني من مشاهدة التلفاز علي انه حرام وأنه بمثابة الشيطان في البيت .. وحقيقة لا اعلم ارتباطه بداعش الا بعد فوات الأوان ، فادركت اني تسرعت في قراري ومن هنا بدأت في كشفه من خلال قيامه باجتماعات ولقاءات سرية مع أشخاص من مختلف الجنسيات اسمع كلام ولأول مرة اسمعه عن الذبح والتصليب والاغتيال وفرض العقوبات  الأشخاص التي تخالف أوامرهم وعلي ان سرت موقع مهم يستطيعون من خلاله الاستلاء  اكبر بقعه من الأرض وتسلل الي المناطق المجاورة لها .. أصبت بصدمه من هول مااسمع؟ وماالذي يحدث؟ عدت بفكري الي ما اراه في نشرة الأخبار عن هذا التنظيم في سوريا والعراق  ، خفت ع نفسي هل اهرب أو اتعامل معه كأني لم اسمع شيئا وأحافظ على حياتي منه .

وفي اليوم التالي طلبت منه ان اذهب الي منزل اهلي عدة ايام وفي راسي ان اذهب بلا عودة فوافق علي ذلك

وبعدها طلبت منه الطلاق ولم يمضٍ علي زواجنا سوء عشرة ايام وعندما شعر انني سوف اشكل خطراً عليه وافق مبدئيا وخرجت أنا وأهلي من سرت على فور … ولا زلت أعيش تلك الصدمة الي الان وماحدث معي كان اشبه بحلم ،  واشعر انهم يطاردوني في كل مكان .

حالة السجن من تجربه عاشها احد الشباب التي سجن عند تنظيم الدولة وعاملة عناصر التنظيم لهم داخل السجن.

م.ع. وهو احد الأسري لدى التنظيم والذي يقول :  «لقد خرجت من المنزل وكنت ذاهبا أنا وصديقي إلى احد المحال التجارية بمنطقة ابوهادي وعند وصولنا إلى جزيرة الدوران بالمنطقة فإذا بنا نتفا جئ بوجود استيقاف نقطة تفتيش لعناصر ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية وكانوا منتشرين على الطريق وبسيارات دفع رباعي  عليها السلاح ،عند وصولنا اليهم أوقفنا عنصر من عناصر  التنظيم وكان كاشف عن وجهه، وهو من الجنسية السودانية وطلب منا الهوية الشخصية ومستندات السيارة، وكانت المستندات علي أكمل ما يرام وكانت السيارة نوع تيوتا موديل 1988م ومن تم أمرنا بالنزول وقام بتفتيشنا شخصيا ومعه عنصر سوري والأخر مصري، أما باقي العناصر كان اغلبهم ملثمين وجدا لدينا علبة سجائر وهواتفنا الشخصية وبها أغاني وصور الآن وكلنا نعلم أن الصور والأغاني حرام ولاسيما بتفكير العناصر المتطرفة فصادر منا الهواتف وعلب السجائر ومزقها واخذ الهواتف وأمرنا إن نركبوا في صندوق السيارة الخلفي ، حيث ربط  عيوننا بقماش وكبل أيدينا بالأغلال  واقتادونا إلى مكان لا نعلمه حتى عندما دخلنا لم يكشفوا عن وجوهنا حتى وصلنا إلى غرقه التحقيق فكشف عنا الغطاء وكانت غرفة التحقيق بها عنصرين من التنظيم احدهم يسمي الشافعي وهو ليبي من المنطقة الشرقية  والأخر كان  اسمه عبدا لرحمن وهو تونسي ، قاموا باستجوابنا بطرح عدة أسئلة من بينها من أي قبيلة أنت بعد عرفوا أسمائنا وتبع أي جهة تعملون وهل لديكم سلاح وهل تعرفون أسماء أشخاص تابعين للجيش أو الشرطة، وكان الضرب والتعذيب يرافق كل كلمة ،  وكان معهم الجلاد وهو من مناطق غرب طرابلس ثم أعطوني سلاح نوع مسدس عيار9مل وأمروني أن أضعة على راسي وأطلق واقتل نفسي فقلت لهم أعوذ بالله أن اقتل نفسي، لطالما إنا ميت فاقتلوني انتم حتى لا اقترف ذنب علي بقتل نفسي وهو حرام .. قال فردوا عليا  أو تنهانا أو تعلمنا الحلال والحرام اسكت وهذا السوط سيعلمك كيف تفرق بين الحلال والحرام  وقاموا بجلدي في كل مكان وكانت الجلدة اقوي  من الأخرى  حتى ادمى جلدي، ومن تم جلبوا لي ماسورة بلاستيك نوع بي بي ار وضربوني بها علي رجلي واستمر التعذيب ثلاثة ايام ووضعوا كل واحدا منا بسجن انفرادي لا يسع لان تمتد فيه، كانوا يقدمون لنا الأكل الرديء والذي يفتقر لأبسط العناصر المغذية  والسجن ملي بالأسري من مختلف الجنسيات ويحتوي السجن على أكثر من مائة سجين وفي ظرف أسبوع امتلأ السجن بالأسرى  وكان كل ليلة يذهبون بنا إلي صالة بالسجن فيها شاشة يعرضون لنا عليها العمليات الانتحارية بالعراق والشام وليبيا ومنشورات لعمليات الذبح والإعدام ، والعمليات النوعية من بداية التفخيخ إلى الاستهداف والتفجير واستمر الحال على ما هو عليه لمدة تجاوز السبعون يوما وبين الحين والأخر يقتادون شخصا ويقومون بإعدامه كما قتل شخصان تحت التعذيب ومات معنا مواطن سوداني الجنسية وهو يعاني من مرض  من ثم تم نقلنا إلى مقر الحسبة حيث  أقاموا لنا دورة شرعية لمدة عشر أيام وسمحوا لأهلنا بزيارتنا في السجن وفي اليوم العاشر وأتانا الوالي وهو سعودي الجنسية وطلب من مشايخ القبيلة وأولياء أمورنا بالحضور والتوقيع على التعهد بعدم التدخين وان لا نقوم بأي عمل معادٍ  يمس بكيان ما يعرف بالدولة الإسلامية ورجعنا ألي بيوتنا والحمد لله».

يقول شاب في مقتبل العمر ((صالح سالم)) .. لم يمر وقت طويل علي تعافي مدينة سرت بعد حرب العام 2011 وبدأت تنعم بالاستقرار والسلام وإعادة الأعمار حتي جاءت احد الليالي حالكة الظلمة بدأت فيها مجموعات تتسلل الي المدينة وهم عناصر ينتمون الي تنظيم الدولة الارهابي (داعش) من اماكن تواجدهم داخل البلاد وخارجها وقد تم اختيار مدينة سرت لتكون ولاية لهم، وذلك نظرا لتميزها بموقع جغرافي استراتيجي يطل علي البحر ويصل الشرق بالغرب ويربط افريقيا والساحل الاوروبي وخصوصا مع طيبة اهلها واستقامتهم واخلاقهم العالية ولذلك اتخذ الدين ستاراً له للتأثير عليهم .. ويوم بعد يوم داخل البلاد تمت ملاحظة أشكالهم الغريبة وذلك من منظور الترابط والعلاقات الاجتماعية الوثيقة والقوي بين اهالي المدينة ويمكن ملاحظة اي شخص غريب داخلها .. ومن هنا بدأت في فرض نفودها بدخول رتل مدجج بالسلاح والعتاد والافراد ، وفي ليلة ليست ككل الليالي واهالي مدينة سرت لن ينسوا مثل تلك الليلة كانت الشرارة لمقاومة هذا التنظيم بالحي السكني الثالث من قبل ابناء مدينة سرت بإمكانيات قليلة جدا للدفاع عن مدينتهم من هذا التنظيم الذي يسير في خطة للسيطرة علي البلاد وبعد معركة طويلة سقط فيها شهداء من ابناء سرت وتم أسر العشرات ، وبعد هذه المعركة بدأ التنظيم الارهابي في استعراض قوته من خلال ارتال تجول داخل المدينة وذلك لبث الرعب والخوف في قلوب الاهالي بعد هذه المعركة، ومن هنا بدأت في السيطرة علي كافة المرافق الحيوية في سرت منها مركز الشرطة وإغلاق كافة المصارف والاستيلاء على كافة الاموال الموجودة فيها واستخدامها لأغراضهم الظلامية ….

وفي وقت لاحق قام التنظيم بشن هجوم غادر علي قوات من كتيبة الجالط  المرابطة بالمحطة البخارية غرب مدينة سرت ، وعلي أثر هذا الهجوم تم ذبح  خمسة عشر عسكرياً من أبناء مدينة سرت علي يد هذا التنظيم الإرهابي .

ويمكننا من هنا ان نعتبر ان مدينة سرت أصبحت تحت حكم الإرهاب بشكل صارخ وتفشى هذا المرض الارهابي من خلال قطع جميع شبكات الاتصالات وعزل المدينة وكذلك اقامة مرافق خاصة بالتنظيم الارهابي بمسمياتهم ومنها ( ديوان الدولة الاسلامية ) وايضا  ( مركز الشرطة الاسلامية ) و ( الحسبة وبيت المال ) وتحويل مستشفى أبن سيناء التعليمي بالمدينة إلى مستشفى الدولة الاسلامية حيث تم استعمال الترهيب والتهديد مع بعض الكوادر الطبية للاستمرار في العمل، ويجب ان تخرج المرأة للعمل في المستشفى بالزي المفروض عليها من قبل التنظيم الارهابي وعلينا الاشارة الي ان البعض من الكوادر الطبية يذهب للعمل بالمستشفى من ناحية اخلاقية لمساعدة اهالي سرت والتخفيف من اوجاعهم وآلامهم الجسدية، وذلك لعدم قدرتهم علي الخروج خارج المدينة بسبب نقص في السيولة والوقود .

وبالإضافة إلى التعليم فقد تم تخصيص مدارس للذكور وأخرى للإناث وعلاوة علي ذلك تم إلغاء العديد من المواد التي تعتبر حرام من منظورهم منها اللغة الانجليزية و الفرنسية والفيزياء والكيمياء، وايضا تم ضم مدرسين من التنظيم الارهابي رجالاً ونساءً إلى المدارس .

رصده الفريق الصحفي :
عمر عجاج / أسماء سعد / حسنة علي / برنية أبو بكر
الصور من الأرشيف

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …