كاكاوية الوهم !!
زكريا العنقودي
ايام سوق الثلاث القديم و وحم الرجال وشراهتهم للتسوق في ذروة شهر رمضان ، وقبل الغروب بساعتين دخلت سيارة بيجو عكاري و بالضيق بالكاد تحصل سائقها على مكان وسط السيارات التي تقف و أصحابها هناك منذ الفجر يبيعون الفواكه والخضار .
المهم السيارة كانت تتكدس فيها ( شكاير نايلو) محكمة الاغلاق كل منها يحمل كيلو من الرمل !!
قال السائق لمن تجمعوا حوله يتساءلون عن نوع بضاعته .
_ خوذ ولا خلي أنت وياه الكيلو بدينار وبس …و هذه أحسن رملة في ليبيا جايبها من شط سيلين وما فيش اختها في ليبيا كلها ل_ (تحميس الكاكوية ).!!
المهم مع صياح صاحبنا وتكرار دعايته ولسانه الذي يغرد ككناري منشداً لبضاعته .. تزاحم عليه أغلب جمهور الصائمين بالسوق .. وتركوا غيره من المساكين أصحاب سيارات الخضرة والذين لفحت وجوههم السنت الشمس من فرط الوقوف ..
_طبعاً سبق وقلنا رمضان وصيام ووحم تريس.
ما حدث بعد ذلك كثر الازدحام على صاحبنا هذا ، و أخذ الزبائن يتبعون بعضهم بعض ، ومن غير حتى سؤال (كائنات تمشي ولا تدري ) وتكالبوا على رمل صاحبنا يشترونه بجنون ، واحد كيلو وواحد زوز وواحد ثلاثة ، وواحد حاسب امه ، وواحد حاسب خوته ، وواحد جاره وووو
صاحبنا وقبل أذان المغرب بنصف ساعة باع الرمل كله.. ولم يجري ولا عملية حساب أو جرد بسيطة لما باعه، فقط اكتفى بالمغادرة وسريعا وبدون كلمة وداع .
ما حدث بعد ذلك لم يكن يهم صاحبنا ، لكنه كان هم كل زبائنه، فبعد الافطار طلب كل واحد من زوجته طاسة الشاهي بالكاكاوية وذلك بعد ان تحمسها له بتلك الرمال الفضية والتي تم جلبها خصيصا من شاطئ سيلين لهذا الغرض .
لكن وللأسف الشديد صحابنا كلهم الذين اشتروا الرمل من السوق ( ورد الفايت محال ) .
اصيبوا بصدمة بعد أن أخبرتهم زوجاتهم ، أن الموسم ليس بموسم كاكوية أصلا ، بل أنه ليس بموسم غرسها ، و لا موسم حصادها حتى .
وأن الرمل الذي تكالبوا عليه و اشتروه لا ينفع لا للتحميص ، ولا حتى للحيص بيص .
من الاخير .. انا من بلاد ينجح فيها من يبيع الاوهام ، لكن بالتأكيد يخسر من يشتريها .