بقلم/ عبد الباري رشيد
شعوب أوروبا التى اكتوت بنار حربين خلال القرن الماضى خرجت من تلك الحروب بانطباع يحتم عليها ضرورة تحكيم العقل وتغيب المصلحة العليا لكل مواطن في تلك القارة على أية مصلحة أخرى ضيقة ونححت فى تأسيس أول نواة لاتحاد بدأ “ اقتصادياً” عبر ماعرف في أواسط القرن الماضي بالسوق الأوروبية المشتركة والتي ضمت في حينه عدة بلدان الاتتجاوز أصابع اليد الواحدة ثم كبرت الفكرة وتغلبت الحكمة والعقلانية على ماعداها حتى صار الاتحاد الأوروبي الآن اتحاداً سياسياً وعسكرياً واقصادياً وبحجم عضوية 27 بها وزنها وتقلها الدبلوماسي بالدرجة الأولى فضلاً عن حرصها على الامن والاستقرار والسلم الأهلي في محيطها الأقليمي والقاري وبصفة خاصة مع بلدان الجوار الجغرافي والالتصاق الحضاري وهو الأمر الذي يترجمه الاتحاد الأوروبي حالياً من خلال إصرار مثلاً على وقف “ نزيف” الدماء والعدوان الذي تشهده ليبيا الدولة الواقعة على الضفه الجنوبية للبحر المتوسط فالأزمة الليبية التى تصاعدت وتيرتها بعد شن العدوان على العاصمة طرابلس يوم 14 ابريل الماضي ودخلت شهرها التاسع هذه الأيام كانت ولاتزال تشغل بال الأوروبيين على مختلف مستوياتهم بداية من القادة والزعماء حتى المثقفين والمفكرين ورجال الإعلام الذين قرروا وبعد العدوان مباشرة الحضور إلى طرابلس فيما عرف في حينه بلجنة “ الاطلاع” الأوروبية رفيعةالمستوى والتي ضمت نخبه من الشخصيات الأكاديمية والإعلامية من مختلف الدول الأوروبية والذين استقبلهم رئيس المجلس الرئاسي يوم 9-6 الماضي وتحدث اليهم عن معالم الأزمة والحرب على العاصمة وكيف أن حكومة “ الوفاق”سارت منذ بداية توليها السلطة في مارس 2016م في مسارات سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية متوازية وبأن ليبيا كانت على أبواب تسوية سياسية بعد اللقاء السادس في “ أبوظبى” مع الطرف الآخر الذي أعتدى لاحقاً على عاصمة كل الليبيين وفى ذلك اللقاء تم التاكيد على جمله من القضايا ابرزها “ استبعاد” الحل العسكري ودعم المؤتمر الوطني الجامع الذي قررته البعثة الإممية إلى ليبيا وحددت زمان ومكان إنقعاده في “ غدامس” يوم 14-4 الماضي فضلاً عن وضع استراتجية لبناء الجيش المواحد وتبني مسار إعلامي ناضج بعيداً عن خطاب التاجيج والكراهية وكل هذه المسائل الجوهرية التي تم التواصل اليها في لقاء “ أبوظبي” جرى وضعها أمام الوفد الأوروبي رفيع المستوى كما ذكرنا والذي نقلها الوفد بدوره إلى قادة وزعماء الاتحاد على اعتبار أن أوروبا تحكمها مؤسسات ديمقراطية وكلمه ورأى الشعب مسموع هناك وله تأثير فى صناعة القرار وهو ماترجمه هؤلاء الزعماء والقاده لاحقاً من خلال جهودهم المكثفه المرصوده من طرف المراقبيين الذين لاحظوا “ إصراراً” أوروبا على إنهاء العدوان والعودة الى المسار السياسيوالتى ماتم التواصل اليه في مؤتمر “باريس” وباليرمو ويرصد المراقبون للمشهد الليبي هذه الأيام تكثيفهاً غير مسبوق من جانب الدبلوماسية الأوروبية على مختلف مستوياتها “ لإنجاح” مؤتمر برلين المقرر إنعقاده خلال الاسبوعين القادمين فمثلاً رئيسة المفوضيه الأوروبية “أورسولا “ ذكرت في تصريحات الصحيفة “ لاريبوبليكا” الإيطالية خلال اليومين الماضيين بأن الاتحاد الأوروبي “يبنى” موقفاً “موحداً” في دعم عمليه السلام التى تعودها الامم المتحدة في إطار مبادرة برلين وبأن الحل الوحيد في ليبيا يكمن في الاتفاق السياسي بين جميع الاطراف اللبيين ونفس الشيء أكد عليه الاتحاد خلال بيان المتحدث بإسم الممثل السامي بشير سانو خلال الايام القليلة الماضية الذي أشار إلى أنه في ظل “ التصعيد” المستمر للعدوان على العاصمة طرابلس وعدة مدن أخرى فإنالاتحاد يعيد التأكيد على دعوته لجميع الأطراف لوقف الأعمال العسكرية واسثئناف الحوار السياسي، أيضا وبحسب مصادر وزارة الخارجية في حكومة الوفاق – فإن وزير الخارجية سيالة أجرى اتصالاً هاتفياً مع المسؤول السامي للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي (بورويل ) تناول تطورات الاوضاع ومجازر المدنيين في كل من طرابلس والزاوية ومصراته . وأكد المسؤول الأوروبي عزمه القيام بزيارة إلى ليبيا الثلاثاء القادم 7 1- – 2020 وبرفقته وزراء خارجية كلا من المانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا للتباحث مع رئيس المجلس الرئاسي حول التصعيد الراهن للعدوان على عاصمة كل الليبيين – والتحضيرات النهائية لمبادرة برلين . وبحسب ما يراه المراقبون فإن الزيادة المرتقبة للوفد الأوروبي وبهذا الثقل الدبلوماسي .
إشارة واضحة للمجتمع الدولي بأن أوروبا – سوف تبذل جهوداً مكثفة بوقف العدوان ونزيف الدماء ، ووضع حد للتصعيد الخطير الذي إزداد شراسة في الأيام القليلة الماضية ، وطالت المجازر ( المدنيين) في طرابلس والزاوية ومصراته ، فاوروبا تتفهم جيدا الموقف التابث لحكومة الوفاق والذي شرطه رئيس المجلس الرئاسي في العديد من المناسبات واللقاءات مع مسؤولين الاوروبيين وغيرهم على مستوى العالم من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الأخيرة في سبتمبر الماضي ، وكذلك خلال لقائه أوائل ديسمبر الماضي مع سفيري الاتحاد الاوروبي والمانيا حين أكد مجدداً تمسك حكومة ( الوفاق ) بالثوابت الوطنية في معالجة الأوضاع في ليبيا محلياً ودولياً – وعلى ضرورة الالتزام بالاتفاق السياسي .
والأجسام المنبثقة عنه « كمرجعية » أساسية لأي حوار أو اتفاق ، وفقاً لقرارات مجلس الأمن وبأن أي حديث عن وقف اطلاق النار يرتبط « بإنسحاب » القوات المعتدية وعودتها من حيث أتت ، كما أكد علىضرورة مشاركة كافة الدول المعنية بالملف الليبي في مؤتمر «ب