تواصل
بقلم /محمد الفيتوري
طرحت عدة أسئلة جوهرية بعد صدور بيان لمصرف ليبيا المركزي بشأن الايرادات والمصروفات واستخدامات النقد الاجنبي عن العام المنصرم 2019 ينبغي للمرء الوقوف امامها وقفة تحليلية جادة كونها تعكس واقعا غريباً بعض الشيء ولا مناص من التذكير بهذه الأسئلة مجدداً وأولها كيف لبلد ويقصد به « ليبيا » لا يجاوز عدد سكانها سبعة ملايين نسمة ان ينفق خمسة وخمسين مليار دينار واربعة وعشرون مليار دولار تجبى من مواطنيها ثلاثة وعشرون مليار دينار خلال عام ليؤول حال مواطنيها الى الوضع المزري الذي يعيشونه اليوم وكيف لحكومة تجبي من مواطنيها ستة وثلاثين مليار دينار في شكل ضريبة على مبيعات النقد الاجنبي قبل ان تتخذ اي إجراءات حيال الفساد الذي يضرب اطنابه في الكثير من مؤسساتها وكيف لحكومة في بلد « متخلف » تقرا صلاح اقتصادي يقوم اساساً على تصدير النقد الاجنبي بدلا من استقطابه وطرح تساؤل آخر نراه من الاهمية بمكان الا وهو كيف ان نتخيل نجاح برنامج الاصلاح الاقتصادي في بلد مؤسساته منقسمة بالكامل الى برلمانيين وحكومتين ومصرفين مركزيين ؟ وما هو السيناريو المقبل في حال ما تراجعت ايرادات النفط لأي سبب كان ؟
اسئلة جوهرية وصادمة عن واقع اقتصادي تعيشه ليبيا وتعاني من تداعياته الخطيرة التي ستؤدي الى نتائج غير مرضية اذ يقولون إن الاصلاح الاقتصادي اتضح انه ضريبة مجحفة ووسيلة اخيرة لتمويل العجز واستنزاف احتياطي البلاد من النقد الاجنبي ودعم مجاني غير مشروط لاقتصاديات الدول الاجنبية ونظرا لأن الانفاق ليس تنمويا او استثماريا والدين العام تفاقم والاحتياطي الاجنبي في تراجع ومرتبات المواطنين تآكلت والمطالبة بزيادتها مبررة ومشروعة والخدمات الاساسية تدهورت والحديث عن رفع او استبدال دعم الوقود .. للسخرية .. هكذا هي مفردات التقارير الاقتصادية عن احوال واقعنا المعيشي المؤلم في بلد حباه الله عز وجل بالثروات والامكانيات التي تسيل علياه الاطماع الاجنبية ولكن هذا البلد يعاني معاناة الدول الفقيرة التي لاتمتلك الموارد وذلك لغياب الادارة الحكيمة والبيئة المناسبة للعمل الوطني الجاد والنظيف !!
نعم أرقام فلكية من العملات المحلية والاجنبية تخصص كميزانيات كل عام في بلد بحجم ليبيا لكنها لاتنعكس على ارض الواقع بما يلبي حية كريمة للمواطن البسيط ولا تتبلور كمشاريع تنموية تنهض باقتصاد ليبيا من الركود والجمود ..
مئات المليارات نسمع عنها ولانرى لها اثراً قوياً على مظاهر الحياة العامة واذا عقدنا مقارنة حتى مع دول الجوار محدودة الدخل والامكانيات لوجدنا ان هناك تطوراً تنموياً مهما حصل لها باقل الميزانيات مما يعني ان هناك خللا ينبغي تداركه قبل فوات الأوان والغالب ان هذا الخلل يكمن في كيفية ادارة هذه الميزانيات العامة بالوجه الصحيح والتأكد من عدم وجود فساد مالي او اداري قد يرافق عملية ادارة هذه الاموال في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد.
مئات المليارات في تقديري لو استخدمت بطريقة سليمة وشفافة لتغيرت الاحوال وتبدلت مظاهر البؤس والفاقة الى تنمية وحياة مرفهة لليبين كافة !!