بقلم /محمود السوكني
عندما غادرنا «غسّان سلامة» كانت آرائه في من تعامل معهم من (رجالات السياسة ونسائها) صادمة ولا تشجع أحداً على خوض غمار مهمته ولم يكن رأي «سلامة» ببعيد عن آراء من سبقوه من مندوبي الأمين العام للأمم المتحدة الذين فرّوا تباعاً من هول ما لقوه وهاهي المرأة الحديدية كما يحلو للبعض تسميتها السيدة «ستيفاني ويليمز» تغادرنا هي الأخرى بعد أن عجزت -رغم سطوتها- على مجاراة (الساسة) في تعنتهم وفقدت القدرة على إقناعهم بخطورة مايقترفون في حق هذا الوطن الذي يدّعون أنهم ابداً لن يخذلوه.. يتطع البعض من مدّعي المعرفة والقدرة على التحليل متسائلين باستغراب شديد السذاجة: ماذا يريد الليبيون ?! وكأن المشكلة في الليبيين وليس فيمن يستعبدهم ممن يفتقدون الوطنية وينقصهم الولاء لهذه آلأرض التي رزئت بوجودهم على أديمها.
لهذا البعض الذي يتقمص دور العالم ببواطن الأمور نقول /
إن الليبيين كغيرهم من سكان الأرض يريدون أن يعيشوا في أمن وأمان داخل حدود بلادهم ينعمون بخيراتها ويمارسون حياتهم بحرية وفي حدود ماشرّعه رب العباد وما أجمعوا عليه.. الليبيون سئموا حياة المذلة والهوان ولا يريدون سوى أن يتركوا وشأنهم لا يتدخل أحد في أمرهم ولا حاجة لوصي يرعى مصالحهم فقد بلغوا سن الرشد منذ وقت طويل … ليس لليبيين مطالب تعجيزية ولا يحلمون بزيارة المريخ كما لا يستهويهم المشي على سطح القمر , هم أكثر الناس إلتصاقاً بالأرض وتشبتاً بالتراب الذي عفّر وجوههم منذ الصغر . للأماكن قدسية عند الليبيين فهي محفورة في الذاكرة ومرسومة على شغاف القلب وأي بقعة في ليبيا وإن بعدت تظل ساكنة في الوجدان حبيسة في بؤبؤ العين .. الليبيون لمن لا يعرف هم أطيب الناس على هذه البسيطة وأكثرهم صبراً, والحلم عندهم واسع وعريض , والقدرة على التحمل تفوق الوصف, غير أن هذا كله له حدوده وإن اتسعت , فلا تغرنكم هذه الشمائل ولا تفسرونها كما تشتهون , واعلموا أن الحمل قد فاق طاقة البشر وأن الصبر وإن طال له حد , والطيبة مآلها إلى غضب لا يُصد .
هؤلاء هم الليبيون , وهذا مايريدونه دون حذلقة أو إدعاءات بالمعرفة كاذبة .
فاتركونا وشأننا واغربوا عن وجوهنا قبل أن يستفحل الأمر وتضيع في وجه الطوفان البشري الحلول ترسيخاً لعدالة السماء.