عبدالسلام الغرياني
في أعماق قاعات دار نشر (راندوم هاوس) ، والتي تحتضن مخطوطات تهمس بحكايات الواقعية السحرية والاضطراب السياسي، يرقد عملاق نائم. ليست حكاية كتبتها يد الساحر نفسه، غابرييل غارسيا ماركيز (1927- 2014)، بل هي شبح، صدى لما كان يمكن أن يكون. عنوانها، وعد هامس معلق في الهواء، “إلى اللقاء في أغسطس” ، وعد يستحضر معه ثقل صيف مفقود وحكايات غير مروية. لسنوات، استقرت هذه المخطوطة، طفلة منسية وسط مجموعة صاخبة من أرشيف غارسيا ماركيز، في نوم عميق. حبر باهت، صفحات تهمس بسرية قصصًا غير مروية في الصمت الخاشع، ووعد “أغسطس” سراب مغري في صحراء الأعمال غير المنشورة. لكن الهمسات وصلت إلى آذان الفضوليين، الباحثين والمعجبين الذين رأوا في هذه المخطوطة المنسية قطعة لغز مفقودة، لمحة إلى المتاهة الإبداعية للسيّد.
الرواية المنتظرة بعد وفاة ماركيز سترى النور ربيع هذه السنة توافقا مع الذكرى العاشرة لرحيله كما أراد لها ورثته، الرواية هي متوالية قصصية، شخصيتها الرئيسية ( آنا ماغدالينا باخ)، ما تزال تحتفظ بشيء من الجمال رغم تقدمها في السن، إنها تسافر إلى جزيرة صغيرة لتزور قبر أمها و تسرد عليها مغامراتها مع عشّاقها من وراء ظهر زوجها، و كما في رواياته القصيرة الأخيرة يحكي ماركيز عن حيوات أناس يجمعهم الواقع في تفاصيله مضفياً عليه لمسته السحرية الواقعية.