منصة الصباح

طبيب المستقبل

بقلم: د. المهدي الخماس

تكوين طبيب جيد في مستوى علمي وأخلاقي وبحثي هو أحسن وصفه طبيه تقدم الى الشعب الليبي عامة. يبدأ التكوين من اختيار الطالب واختيار الكلية وضمانات جودة التعليم. لدينا ما يكفي كل المغرب العربي من كليات الطب. ولكن نوعية المخرجات تصيب وتخيب. ربما لعدم وجود أهداف واضحة لطبيب المستقبل والذي يمثله خريجي كليات الطب لدينا. حسب تقديري لا يوجد لدينا مستوى أدنى واضح للمعلومات والمهارات المطلوبة من هذا المتخرج.
العالم تغير وكذلك ليبيا. بعد عشرات السنوات من التوسع الجهوي الأفقي وعشرة أخرى من غياب الالتزام وعدم تغيير المناهج أشعر أننا في مختنق. الحياة في ظل الانقطاع والحرب والتأجيل والتأخير تفرض علينا وضعا أخر شئنا أم أبينا.
الحياة تفرض علينا تعليم الطالب وتوجيهه الى طب الأسرة والى استيعاب العوامل النفسية ومعرفة شخصية المريض وطرق التعامل مع المريض الليبي وإدخال مادة الأخلاق وطرق البحث العلمي. هذا يتطلب الجلوس وتوضيح أهمية منهج علم النفس وإدخاله في كلية الطب ونقاش إضافة الأمراض النفسية المهمة والتي تتدخل في حياة الفرد الليبي والمريض الليبي اليومية.
لا ينفع أن نعامل طالب الطب على أنه كيس جديد وعلينا ملئه بالمعلومات المتوفرة في الكتب والنت واليوتيوب. الكثير من المعلومات التي نقدمها له يحملها مؤقتا ليجتاز الامتحان ثم ينساها. هذا الكلام موجه للجنة العمداء ووزارة التعليم العالي. ربما تشكيل لجنة تحت إشراف لجنة العمداء لتتولى مناقشة ماذا نريد من الطبيب المتخرج وماهي المهارات التي يجب أن يتعلمها ليتخرج وعند الإجابة نفصل المناهج وطرق التدريس التي تضمن لنا تحقيق هذه الأهداف.
الخطوط العريضة من قبل مركز ضمان الجودة ومؤشرات الاتحاد العالمي للتعليم الطبي تساعد في تحديد الأهداف. ووضعنا الخاص يتطلب المزيد من دراسة علم النفس والأمراض النفسية. اللجنة ربما تزور إحدى الدول المتقدمة لتتطلع على الخطوات العملية لمناهجهم وتطبيقها وطريقة التقييم. لا أقصد الدول العربية لكي أكون واضحا.
عندما يتقدم الطالب في ليبيا قاصدا دراسة الطب فالعادة أنه تكونت لديه رغبه في الطب بناء على رغبه داخليه او طلب من الأهل. والأغلب لا توجد تجربه في مرافقة طبيب الى عمله عدة أيام أو أسابيع ليفهم متطلبات حرفة الطب. ولهذا يجب علينا أن نكثر من البرامج التثقيفية والتي تقوم بزيارات الى الثانويات المختلفة أو تقوم بوضع معارض مختلفة لطلبة المستقبل وتنويرهم عن دراسة الطب وما ينتظرهم من مسؤوليه علميه وأخلاقية.
سياتي اليوم الذي سيغلق فيه بعض كليات الطب في ليبيا. لاشك في ذلك. الكليات الجيدة ستبقى وتشجع وتتطور والمتوسطة إما تتحسن وإما ستغلق. وطبعا الكليات الخالية من مقومات الاستمرار ستغلق والا سنستمر في الكذب على أنفسنا.

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …