فتحية الجديدي
جاء من بلده يحمله الشوق إلى موطني، ويسوق في ذهنه أسئلة ما تزال عالقة من زيارته الأولى الخاطفة في إحدى المناسبات التي لها علاقة بالموسم الإعلامي.
ولكونه عضو هيئة تدريس بإحدى الجامعات في بلده تملك شراكات في الجانب العلمي والأكاديمي مع مؤسسات عالمية ومجال تخصصه يعد مهمًا في المجتمع، لأنه يركز على علم ثقافة الشعوب والدراسات المجتمعية والتعرف على الخصوصية الاجتماعية والثقافية ، فقد جمعتني صداقة جيدة ومعرفة تجاوزت العابر.
الدكتور عبد الحليم بلواهم من الشمال الجزائري صاحب خلق عالٍ واللطف والدماثة، ذو انفتاح متوازن على الآخر، بثقافته واكتنازه المعرفي الشديدين، وحرصه على مد أواصر التعاون والتبادل المعرفي وتحقيق مكسب علمي مشترك، من خلال ما يملكه من رغبة في الإفادة لكلا الطرفين، والتعويل على الطالب الباحث ذو الخبرة المعرفية.
هذا الأكاديمي الحالم بأن ينشأ جسرا عربيا ، حدثني مطوّلًا أثناء تواجده بطرابلس للمرة الأولى، وكان بيننا تلاقٍ طويل، تشعب الحديث ليخوض ثنايا علوم المجتمع والتنمية وخاصة في علاقة أهالي الصحراء بالمكونات الأخرى والاحتياج المجتمعي لتلك القبائل والإثنيات وترسيم خارطة طريق للفكر والنتاج الأدبي والمعرفي لتلك الشعوب القاطنة بالفواصل الحضرية والريفية والصحراوية والقواسم المشتركة بينها كل هذا وأكثر، ممن دعم جلساتنا وكان الحوار ناضحاً بالتناغم في وجهات النظر مع اختلاف اللهجات – بكل تأكيد.
كان صديقي الجزائري مصرًا على أن تكون طرابلس وجهته القادمة بعد أول زيارة لها للتعرف على تفاصيلها ، وفعلًا جاء هذه المرة ليس ليزور ميداني الشهداء والجزائر أو قوس ماركوس أوروليوس فقط، بل ليخبرني بأنه يحب بلادي ، ويعتبر حب ليبيا نتاجاً لزيارة عمل كان يبتغي من خلالها إبرام عقد شراكة في البحث العلمي.
أصبحت ليبيا لديها عقد دائم في قلبه عندما أخبرني عن المزيد، « السي عبد الحليم» لم يكتف بولوج شارع امحمد المقريف وقصر متحف ليبيا وزنقة فرنسيس ودار كريستا لثقافة الطفل وبنك روما، بل أراد أن يرى الناس ويتحدث معهم ويشاهد المعمار الليبي والفسيفساء الطرابلسية وطريق الشط ، ولحبه الجم للبحر كلفني بأن اختار له ركنًا ليروي قصة زيارته من خلاله لعائلته ويخبرهم بروعة الساحل الليبي ، وميناء طرابلس البحري و«الكورنيش » ، والمهم لديه أن تكون صديقته دائمة مع وافر التقدير والمودة لها .. هكذا ودعته .