صحراء واحدة
بوفد فني رفيع المستوى من المجلس الرئاسي ورئاسة الاركان، شاركت ليبيا في اعمال المؤتمر الاول للجنة مبادرة “صحراء واحدة” والتي تجمع الى جانب وفد ليبيا ممثلين عن بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر، باتجاه تعزيز التعاون الأمني الحدودي ومحاربة الارهاب، والجرائم العابرة للحدود، وتعزيز التعاون بين سلطات الحدود في المنطقة، وبالتنسيق مع الجهات الدولية ذات العلاقة.
والذي تم في العاصمة الموريتانية نواكشوط، نهاية الاسبوع بدعم من بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة في ادارة الحدود في ليبيا «يوبام» والخلية الاستشارية التنسيقية الإقليمية لمنطقة الساحل.
بحث التعاون الحدودي ويأتي هذا الموعد النوعي المهم تنفيذا لمخرجات “مؤتمر التعاون عبر الحدود بين ليبيا ومنطقة الساحل” الذي احتضنته العاصمة التونسية نهاية العام الماضي، وترأسه عضو المجلس الرئاسي السيد موسى الكوني.
وكان الكوني قد طرح خلال هذا المؤتمر فكرته عن ضرورة ان تتحول الحدود المشتركة بين دول الساحل الى نقاط جامعة موحدة، وتماس خلاق يربط بالجوار والتاريخ ووحدة المصالح بين اطراف هذا العمق الاستراتيجي التاريخي، الذي توحد بين فضاءات الصحراء الكبرى.
واعرب الكوني عن ضرورة ان تتحول هذه الصحراء الجامعة الى حوض للسلام والامن والاستقرار والتعاون المشترك بين كافة الاطراف، وانها “صحراء واحدة” هذه التي تجمع بين كل هذه الدول والشعوب المطلك عليها.
وقد اعتبر الكوني ان الاهتمام بمناطق الاطراف، وتعزيز المشاركة الفعالة لشعوب مناطق الحدود والتنمية المكانية والاستثمار في الرأس المال البشري، وتوزيع الثروة العادل بحيث يتحول الاعمار للغة جامعة على مناطق الحدود، من شأنه ان يقطع الطريق أمام مساعي الارهاب، او الجرائم المنظمة التي استفادت من تردي الاحوال المعيشية في هذه المناطق لتفعيل نشاطاتها الهدامة.
وقد تبنى الاتحاد الاوربي هذا المصطلح، “صحراء واحدك، ودخل قاموس المعاملات الدبلوماسية منذ هذا التاريخ.
حيث رفع مؤتمر نواكشوط هذا الشعار، وحوله دارت محاور النقاشات الفنية ذات الدلالات المهمة. والتي تبلور وفقها الملامح الاساسية لخارطة طريق مستندة لأفضل الممارسات في إدارة الحدود والتصدي للارهاب، والهجرة غير الشرعية، وللجرائم العابرة للحدود. وذلك بالتركيز بصورة خاصة على اهمية وضرورة اشراك سكان المناطق الحدودية، وخاصة النساء، في العملية التنموية والامنية وحماية الحدود ، وفق تفعيل سياسات تنموية وتوفير البنى التحتية والارضية الضرورية للنشاط الزراعي والتجاري والاقتصادي بشكل عام مع تعزيز سياسات التعليم والتدريب والارتقاء بالمستويات التعليمية والمهنية لشباب المنطقة.
اشكاليات الجنوب ووحدة التراب الليبي
هذا وكان السيد النائب بالمجلس الرئاسي موسى الكوني قد جهد وفق استراتجية وطنية واقليمية لايجاد حلول ناجعة لمختلف الاشكاليات التي تهدد الجنوب الليبي، وتأمين الحدود، عبر سياسة تنموية وفكرية تذهب في مسارات متكاملة يكون فيها لشعوب المنطقة على مختلف اطراف الحدود المشتركة دورا جوهريا لانجازها.
وذلك وفق ما يحقق امن وسلامة ووحدة التراب الليبي. وقد باشر موسى الكوني جولة اقليمية واسعة لدول الجوار زار خلالها السودان والتشاد والنيجر، والحقها بزيارات مكملة لمصر والجزائر، وانتهت الى نقاش نتائج زياراته مع رئاسة الاتحاد الاوربي في بروكسل.
حيث اكد الكوني ان معالجة اشكاليات الوضع المعقد في ليبيا لا يمكن ان يتم الا وفق رؤية استراتيجية متكاملة وطنية واقليمية ودولية. فإن مختلف الصراعات الدولية هي التي تعكس بضلالها على الوضع في ليبيا والجنوب الليبي بشكل خاص.
واعتبر الكوني بان تواجد بعض الفصائل المسلحة الاجنبية على التراب الليبي، الامر النتاتج عن اشكاليات سياسية في دول الجوار لن يتم معالجتها الا وفق سياسات متكاملة لحل مختلف الاشكاليات المسببة لتلك الصرعات.
وقد انتجت مساعي الكوني تبني الاتحاد الاوربي وادرع الامم المتحدة المتواجدة في مناطق الساحل وليبيا، لهذا الخيار الاستراتيجي. وانتج ذلك الدعوة لمؤتمر تونس لوضع خارطة طريق مشتركة من شأنها ان ترسم ملامح الحل الناجع وتضمن وفق التزام الجميع بتلك المخرجات، قطع دابر الاشكاليات واقتلاع اسبابها من الجذور.
مؤتمر نواكشوط للجان الفنية لرسم خارطة الطريق
وفق هذا التوجه عكفت اللجنة الفنية المنبثقة عن المؤتمر الإقليمي حول التعاون عبر الحدود بين ليبيا والساحل، لمكافحة الإرهاب وجرائم الحدود والجريمة المنظة، بعضوية ممثلين من ليبيا وبوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر. وبمشاركة ممثلين عن بعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا «يوبام»، والممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي لمنطقة الساحل، إيمانويلا ديل ري، والممثل الخاص للاتحاد الأوروبي في منطقة الساحل، ورئيسة وحدة التنسيق الاستشارية الإقليمية في موريتانيا سيمونيتا سيلفستري. ولحضور سفير الاتحاد الاوربي لدى موريتانيا وممثل عن السفارة الليبية في نواكشوط لرسم ملامح خارطة الطريق الضرورية لتنفيذ هذه الاستراتجية الجديدة.
وفيما شددت السيدة سيلفستري على اهمية تعزيز التعاون الإقليمي عبر الحدود بين ليبيا ومنطقة الساحل، وتبادل أفضل الممارسات المتعلقة بالإدارة عبر الحدود، وتحديد مجالات التحسين المستقبلي للإدارة العابرة للحدود على المستويين الوطني والإقليمي، والدولي. من خلال تبادل أفضل الممارسات بشأن إدارة الحدود والأمن وتهيئة الظروف لمزيد من الإجراءات والضوابط الفعالة واستخدام أفضل للموارد المتاحة.
شددت الممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي لمنطقة الساحل، إيمانويلا ديل ري، من جهتها على اتفاق الاتحاد الاوربي التام مع الرؤية الحكيمة التي دافع عنها الكوني بشأن ضرورة واهمية الاستناد لرؤية وطنية واقليمية ودولية لأي مبحث عن حلول لاشكاليات المنطقة. واوضحت ان الأولويات الاستراتيجية الجديدة للاتحاد الأوروبي لمنطقة الساحل اصبحت ترى الحاجة إلى نهج أكثر عالمية لمعالجة عدم الاستقرار الإقليمي، بينما يظل التركيز الجغرافي الأساسي على دول مجموعة الخمس، حيث تركز الاستراتيجية على سياق إقليمي أوسع، وبالذات مع ليبيا.
وان ذلك يأخذ في الاعتبار ان ما يجري من صراعات وانعدام الأمن الإقليمي له علاقة كبيرة بالديناميكيات التي جرى إطلاقها خارج منطقة الساحل وفق ما يشدد بشأنه السيد النائب بالمجلس الرئاسي موسى الكوني. وإنه فق هذا التصور تهدف هذه الاستراتيجية الجديدة بصورة خاصة لتعزيز السياسات التي من شأنها الاستجابة بصورة مباشرة لإنتظارات المنطقة، وذلك على المستويات الإقليمية والوطنية والمحلية وفق الاحتياجات والأوضاع المحددة، والتي ستكون تحت مظلة عمل لجنة «مبادرة الصحراء الواحدة»، المنصوص عليها في الإعلان الختامي لمؤتمر تونس التاريخي.