محمود السوكني
تشترك الشعوب العربية مع شعوب أخرى تقاسمها محيط ما يسمى جزافا بالعالم الثالث ، في كرهها الشديد لعادة القراءة ، وتسجل معها أدنى مستويات الاطلاع ، ويتهم بعض من شذّوا عن هذه القاعدة بتهمة (الفاضي) الذي لا عمل له ، وربما يوصم بجريرة إضاعة الوقت فيما لا يعني !!
تقول الإحصائيات الصادرة عن منظمات محايدة إن شعوبنا التي برعت قديما في شتی العلوم ، لا يتجاوز عدد من أصيبوا (بمرض) القراءة من سكانها 3 % في أفضل الحالات ومع الكثير من التفاؤل ، والكثير الكثير من المبالغة ، وحتى أولي الأمر منا يكلفون من يوجز ما يكتب في سطور معدودة لزوم العلم بالشيء ليس أكثر !
في الدول الأخرى التي نحتاج إلى توقف الزمن لمنات السنين لكي نلحق بهم نلاحظ شغف القراءة يسري بين مواطنيها في كل المراحل العمرية وفي أغلب الأوقات ، وتسجل مبيعات الكتب أرقام خيالية في التوزيع وتنتشر الصحف والمجلات في كل الوسائط الإلكترونية وبأعداد هائلة وفي مختلف التخصصات، ويصل عدد صفحات بعضها إلى أرقام فلكية تتجاوز المئات. هذا بالإضافة إلى إستمرار الصحافة الورقية التي وإن قل توزيعها إلا أنها لازالت تحظى ببعض القبول لدى مدمنيها القدامى الذين لازالت تربطهم بها صلات وثيقة لم تنهيها تقنية العصر . لا يضيع الفرد هناك وقته في القراءة بل يعتبرها أكثر أهمية من أكله وشربه ولم تستطع الوسائط المرئية والمسموعة رغم شدة الابهار أن تحول بين الإصدارات الصحفية والقراء الذين أدمنوها والتزموا بمطالعتها مع قهوة الصباح.
ولم تمنع مغريات الجذب التي برعت فيها شركات الإنتاج السينمائي من إلهاء محبي القراءة عن متابعة آخر الإصدارات وأحدث الكتب فالعروض السينمائية رغم الإنتاج الباذخ لا تغني عن متعة القراءة .
لقد تربوا على هذه العادة الحميدة منذ الصغر وتعلموا أن القراءة مخزون معرفي يشكل ملامح شخصيتهم ، ويميزهم عن بقية المخلوقات.
ونسينا في خضم إنشغالاتنا التي تصلنا إلى لا شيء أن الوحي الإلهي بدأ بالكلمة المقدسة “اقرأ”.