منصة الصباح

شراهة التسوق تقتل فينا الإنسانية

مشاهدات

*فتحية الجديدي

كنا لانهتم لأمر العلب الزجاجية لشوكولا “النوتيلا” ولا للعلب الكرتونية لل”كورنوفلكس”، ولايعلم غالبيتنا بمكونات الرقائق “الأكسترا” المحمصة، وأكياس المعجنات الجاهزة الملونة، لأننا بكل بساطة كنا نعتمد في إعداد وجبة الإفطار على حليب وقهوة ونوع واحد من الأجبان مع قطعة خبز، ولم نكثرث يوما لمزيج الصلصات ذات المذاق المسكر، ولا تلك المعلبات المالحة التي لانعي كم من الإضافات بها…؟.

أسواقنا اليوم تعج بنوعية هذه السلع، ضاربة الأنظمة الغذائية المفيدة عرض الحائط، لأنها تسعى للكسب المادي أمام قوة شرائية هلعة، والتسويق البشع الذي نلحظه هذه الفترة في ظل المخاوف من تفشي فيروس كورونا المستجد انعكس سلبا على ثقافة الناس، وبدلا من أن يزداد وعينا وإدراكنا لمفهوم الثقافة الغذائية، وما يلزم أجسامنا من فيتامينات وأطعمة معززة للصحة، بات كل بيت يكدس السلع التي بها مواد حافظة وملونة، ومسببة لارتفاع السكري وضغط الدم، والمسرطنة أيضا!

بالأمس القريب كنا نعتمد على الخضروات والفواكهة حسب الحاجة، وفق مانرغب تناوله ليس وفق مانريد تخزينه في أدراج المبردات وخزائن المطبخ، ونعتمد الوجبة الغذائية الكاملة التي تتماشى مع الظروف المادية والطلب فقط، لكن مانشاهده اليوم.. شراهة غير مبررة بشهد عليها ما يحدث بالمحلات التجارية والأسواق من إقبال، والتسوق غير المنتظم مقابل الارتفاع الرهيب للأسعار التي بدل ان تنخفض نراها تشتعل نارا، والمواطن محاصر بين ان يكون مقيدا بها أو عدم قدرته حتى على شراء الضروريات منها.. مثلما نجد العربات الحديدية المجرورة تحمل كل ماهو ظروري، أومجرد مكمل أو مسلي من السلع، نجد مواطن آخر يجوب بين صناديق القمامة أو يقف أمام الأسواق الكبرى طالبا العون..

لماذا لايوجد توازن في الشراء؟

لماذا هذا الغلاء ونحن في ظروف قاهرة؟

لماذا لاتوزع المسؤولية حتى لايكون بيننا متسول أو ناكش قمامة؟

كيف لأي شخص منا أن يأكل وجبة دسمة وشبه (بوفيه) مفتوح يوميا بعد مشاهدة صورة غابت عنها أبسط مقومات الإنسانية؟!

“الكورونا” كشفت من هم ضعاف النفوس، وأظهرت بالفعل بؤس الكثيرين، وأمام هذه المعاني هناك تحدي يفترض أن يبدأ منا ونتقيد به، وهو أن لانضر أجسادنا ب”الكولوسترول”، والسكريات والتلبك المعوي، ونمنح فائض المال لمن هم بحاجة إليه..

بكل بساطة نحن بحاجة ماسة لبعضنا البعض، ولايمكن بأي حال من الأحوال أن يعيش أحدنا على حساب آخر.

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …