إيناس احميدة
أعبر يوميًا في طريقي من وإلى العمل عند الإشارة الضوئية التي تربط بين شارع الجمهورية الممتد شرقًا وغربًا، وشارع السيدي المتجه من الجنوب إلى الشمال.
هذا التقاطع يضم أربع إشارات مرورية، يُفترض أن تنظم حركة السير وتمنح العبور انسيابية، لكن الواقع مختلف تمامًا…فالإشارات موجودة كقطعة ديكور لا دور لها، ولا وظيفة سوى استهلاك الكهرباء!
على مدى أشهر من الملاحظة اليومية، لم أرَ سائقًا يعتد بضوء أحمر يمنع أو أخضر يسمح… فالمشهد أشبه بـ: “خش يا مبارك بحمارك”، والنتيجة حتمية: “حوت يأكل حوت وقليل الجهد ما يعبر”.
المشكلة لا تقف عند حدود الإشارات، بل تمتد إلى رجل المرور الذي تراه أحيانًا ويغيب عنك أخرى، وفي الحالتين هو أقرب للغائب منه للحاضر “غير مرئي”..
هذا الوضع يطرح سؤالًا مهمًا: ما الذي يدفع السائقين، على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم، إلى تعمد تجاهل الإشارات والازدحام وسط الطريق بحثًا عن فسحة عبور قد تأتي متأخرة أو تنتهي بحادث؟ لماذا يفضل البعض الفوضى على النظام، والخرق على الوقوف خلف الحد المرسوم، والتهور على انتظار لحظة تعكس معنى التحضر؟
إنه بالفعل مشهد يستحق دراسة جادة من المختصين، لأنه يجسد واحدة من صور الاستهانة بالقوانين وأبسط قواعد السلوك الحضاري.