منصة الصباح

رواندا تحيي ذكرى الإبادة الجماعية التي راح ضحيتها مئات الآلاف

تقرير : أية زايد

تزامنا مع إحياء ذكرى مرور 30 عامًا على الإبادة الجماعية في رواندا طرحات العديد من التساؤلات حول مدى التقدم الذي أحرزته هذه الدولة الإفريقية الصغيرة في التعافي من أعمق جراحاتها. فبعد مئة يوم من القتل الممنهج والعنف الذي راح ضحيته ما يقرب من مليون شخص،

كيف تمكنت رواندا من بناء مستقبل جديد؟

في أبريل 1994، شهدت رواندا واحدة من أفظع الإبادات الجماعية في التاريخ الحديث. تم من خلالها استهداف الأقلية التوتسية بشكل منهجي من قبل المتطرفين من الأغلبية الهوتو. كانت الأسباب متعددة، منها الصراعات التاريخية والسياسية والاقتصادية، وتأججت هذه الصراعات بفعل خطاب الكراهية والتحريض على العنف.

ففي يوم 6 أبريل 1994 كانت بمثابة نقطة تحول “قاتلة” في مسار الحرب الأهلية بين “الهوتو”  و”التوتسي”. ففي ذلك المساء، عاد الرئيس هابياريمانا إلى كيجالي بالطائرة، برفقة الرئيس البوروندي الجديد سيبريان نتارياميرا (من الهوتو) وبعض كبار الشخصيات في النظام الرواندي. وبينما كانت الطائرة على وشك الهبوط، أصيبت بصاروخين، مما أدى إلى وفاة جميع من كانوا على متنها على الفور.

 قبيلة الهوتو والتوتسي

كانت قبيلة “الهوتو” التي تشكل غالبية السكان بنحو 85% اغلبهم يمتهن حرفة الزراعة .

وقبيلة التوتسي الأقلية (15%)

ذات الأصول الإثيوبية.

تفاصيل مروعة في هذه الفترة قام بها المتطرفون من الهوتو، الذين نفذوا المجزرة، ورغم انهم لم يكن لديهم المال الكافي لشراء الأسلحة، كانوا قد طلبوا قبل شهور من المجزرة من ‎الصين عشرات الآلاف من المناجل بأسعار زهيدة جداً.

تم توزيع المناجل على الهوتو بواسطة القوات والطائرات الفرنسية والبلجيكية ،وعندما لم تكن المناجل كافية، صنعوا رماحاً من الخشب ..

وبدأت المجزرة بقتل التوتسي والهوتو المعتدلون على حد سواء والذين كانت أسماؤهم قد قُيدت على القوائم المعدة مسبقًا.

كان الأغنياء يدفعون المال للحصول على موت أسرع برصاصة، بينما كان الآخرون يُقتلون بالمناجل. وتم قطع أوتار العرقوب للضحايا لمنعهم من الهروب.

حتى بعد قتل الضحايا، تعرضت النساء الميتات للاعتداء الجنسي.

وكان الآباء والأمهات يتوسلون للقتلة ليقتلوا أطفالهم بالرصاص بدلاً من ذبحهم بالمناجل.

قُتل ما يقرب من مليون إنسان، وتعرضت نحو 400 ألف امرأة للاغتصاب.

ومن بين النساء اللواتي تم اغتصابهن، أنجبت عشرون ألفًا أطفال .

كما أصبح حوالي 75 ألف طفل يتيمًا.

وفي غضون ساعات، انطلقت حملة عنف من العاصمة إلى جميع أنحاء البلاد، ولم تهدأ إلا بعد 3 أشهر.

 الانجاز والتحدي

رواندا اليوم بين الإنجاز والتحدي بعد الإبادة، شهدت رواندا تحولًا دراماتيكيًا. فقد نجحت في تحقيق استقرار سياسي واقتصادي ملحوظ، وحققت نموًا اقتصاديًا مستدامًا. كما قامت بمحاسبة مرتكبي الجرائم، وإنشاء محاكم خاصة ومحلية لمحاكمة الجناة.

إنجازات رواندا تبنت رواندا سياسة المصالحة الوطنية، وشجعت على الحوار والتعايش بين مختلف الأطراف وحققت رواندا نموًا اقتصاديًا سريعًا، وتحولت إلى واحدة من أسرع الاقتصادات نموًا في إفريقيا وأصبحت السياحة أحد أهم مصادر الدخل في رواندا، حيث تجذب السياح من جميع أنحاء العالم لزيارتها وتولي المرأة في رواندا أدوارًا قيادية مهمة في الحكومة والسياسة والمجتمع المدني.

لا ننسى التحديات المستمرة رغم الجهود المبذولة، إلا أن هناك العديد من القضايا المتعلقة بالعدالة الانتقالية لا تزال معلقة ولا يزال الفقر مشكلة كبيرة في رواندا، خاصة في المناطق الريفية وعلى الرغم من الاستقرار النسبي، إلا أن هناك مخاوف من عودة العنف، خاصة في ظل التوترات الإقليمية وهناك حاجة مستمرة للحفاظ على ذكرى الإبادة الجماعية، وتعليم الأجيال الشابة دروسها.

تعتبر قصة رواندا قصة ملهمة عن الإرادة البشرية وقدرة الشعوب على النهوض من أعمق الجراح ومع ذلك، فإن التحديات التي تواجهها لا تزال كبيرة، وتتطلب جهودًا مستمرة من الحكومة والشعب والمجتمع الدولي.

تعتبر ذكرى الإبادة الجماعية في رواندا تذكيرًا دائمًا بأهمية التسامح والتعايش السلمي وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها، فإن رواندا تبقى نموذجًا ملهمًا للعديد من الدول التي تعاني من الصراعات والعنف.

شاهد أيضاً

فرسانُ الاعتمادات

عبدالرزاق الداهش عندما ترمي نحو نصف مليون دينار في حفل زفاف، وعلى قول أخوتنا المصريين …