منصة الصباح

«ديليفري» مؤنث

فتحية الجديدي

قرأت في أحد مطبوعاتنا المحلية موضوعاً حول السائقات الليبيات اللواتي امتهنّ خدمات التوصيل ، التي تعرف بـ»الديليفري» وتوجهن إليها لتغير قيمة دخولهن الشهرية ، واطلعت على بعض من هذه التجارب، حيث تقول أحداهن بأنها تعمل سائقة سيارة للرحلات خارج المدينة بمقابل مادي مجزٍ، الأمر الذي دعاها إلى تقديم استقالتها من الوظيفة ، وتجربة مشابهة، ولكنها ليست مماثلة على حد التعبير ، بأنها قامت بشراء سيارة بعد بيع جزء من مدخراتها لامتهان خدمة التوصيل والاستغناء عن بعض أحلامها في تغيير ديكور منزلها لكنها حققت مكاسب مادية يمكنها شراء الأفضل – على حد تعبيرها – وأخريات عدة ممن لازمن سياراتهن في توصيل السلع والبضائع للزبائن عبر خدمات صرحوا بأنها توفرها لهم بعض المتاجر والشركات، إلى أن تحولت هذه المهنة إلى شركة قائمة على جلب سائقات خدمات التوصيل داخل وخارج طرابلس.

توفرت لي هذه المعلومات من مصادر ورقية وإلكترونية، ومن القصص التي سمعتها من زميلات، وبعد أن تحققت من دقة وصحة المعلومات الواردة بالاستطلاع حول هذا الأمر، تولدت في ذهني موجة أسئلة ملحة تحت تأثير مناصرتي للمرأة والرجل أيضاً.

تساءلت : كيف يمكن للمرأة أن تستغني عن وظيفتها ومصدر رزقها الآمن والذي يحمل لها قيمة وكرامة أيضاً مقابل كم من المال فاق مرتبها ؟ ولماذا لجأت المرأة إلى تكبد عناء السفر خارج مدينتها وهي تحمل أكياسا من السلع لزبونات طلبنها عبر الإنترنت وهن ببيوتهن ؟ هل هي الحاجة أم التقليد أو الطمع والخوف أم اجتمعت هذه الأمو معاً ؟ وهل يمكن أن تتنازل الزوجة عن حلمها في تجديد بيتها وتتبنى فكرة مهددة بالاختفاء ؟

أما الضرر الجسدي الواقع على النساء السائقات هو تحملهن سخونة الجو والجلوس لساعات خلف مقودهن ولا أعتقد بأن الحاجة قادتهن لرمي أنفسهن ضحية ربح التجار واستغلال الأنثى في تسويق المنتجات ، ولعليّ أكون مخطئة عندما أقف أمام مصلحة البعض من اللواتي يجدن مخرجا لأزمتهن المالية بخدمة التوصيل، لكنني مرغمة على التصريح باحترام المرأة وصون كرامتها أمام أمزجة البائعين والمشترين وحفظ ما تبقى من وقتها لنفسها، لأنها تستحق أن تكون سيدة .

شاهد أيضاً

فاعلٌ أم مفعولٌ به؟

جمعة بوكليب زايد…ناقص مَنْ يلاحقُ مَنْ، في علاقة الإنسان بماضيه وبمستقبله؟ وبمعنى أوضح: هههل الماضي …