انطلقت بمدينة درنة ورشة فنية إنسانية تحت عنوان “ركن المشاعر بالرسم”، بإشراف فريق من أخصائيي مركز الدعم والتأهيل النفسي، وبدعم مباشر من متدربين سبق أن تلقوا تكوينًا متخصصًا في هذا المجال.
أقيمت الورشة في أحد المواقع المجتمعية بالمدينة، التي لازالت تلملم جراحها، ولم تكن الورشة مجرد نشاط ترفيهي للأطفال، بل مثّلت مساحة آمنة للتعبير والاحتواء النفسي، حيث أُتيح للأطفال أن يترجموا مشاعرهم، وهواجسهم، وحتى صمتهم، إلى ألوان وخطوط تعبّر بصدق عما يختلج دواخلهم.

“لم تكن هناك حاجة للكلمات، فقد قالت لوحاتهم كل شيء”، تقول د. ناجية عقيلة الحصادي، إحدى المشرفات الرئيسيات على البرنامج، مضيفة: “غمرني شعور بالفخر وأنا أرى المتدربين الذين رافقناهم منذ مراحل التدريب الأولى، يتحولون اليوم إلى مساندين حقيقيين للأطفال، يصغون إليهم بقلوب مفتوحة، ويقرؤون ما بين الخطوط والظلال”
وشهدت الورشة حضورًا لافتًا من أولياء الأمور وعدد من الوجوه الشبابية المؤثرة في درنة، والذين شاركوا الأطفال لحظات رسمٍ واحتواء، كأنهم يقولون بصوت واحد: “نحن هنا… نحمل الأمل، ونرسم طريق التعافي”
ورغم بساطة الأدوات، إلا أن الرسائل التي حملتها الرسوم كانت عميقة ومؤثرة، في تجربة تؤكد مجددًا على قوة الفنون كأداة دعم نفسي، خاصة في البيئات المتأثرة بالأزمات.
وفي ختام الورشة، أكدت الحصادي أن هذا النشاط ليس سوى البداية، مشيرة إلى نية الفريق توسيع نطاق الورش لتشمل عدة مواقع داخل المدينة، إيمانًا بأن التعافي يبدأ حين يُسمح للمشاعر أن تُقال، ولو عبر فرشاة وألوان.
درنة اليوم ليست مجرد مدينة تنهض من رمادها، بل درس إنساني مفتوح في كيف يمكن للحياة أن تولد من قلب الألم، وأن يُصنع النور حين نجد من يحتضن الظلال.
