منصة الصباح

حرائق الأصابعة.. بين عجزنا وتغوّل الخرافة

 

اجتاحت حرائق غامضة بعض منازل الأصابعة لأيام في مشهدٍ أربك السلطات وكشف عن عجز واضح في التعامل مع الكوارث والأزمات غير المألوفة وأثار موجة من الجدل بين المواطنين، وفتح المجال لكل من هب ودب للإدلاء بآرائه حول أسباب الأزمة وطرق العلاج ناهيك عن تضارب التصريحات الرسمية ما سمح لعدد من صفحات وسائل التواصل الاجتماعي بتوجيه الرأي العام وبث الشائعات وتهويلها وإثارة الفزع بين الناس وإبعادهم عن العقل والمنطق والدين والزج بهم في متاهات الخرافة والدجل بقصد أو بدونه.

لم تكن المشكلة في الحرائق فقط بل في ما كشفت عنه، بدءً من وجود ثغرة في التنسيق الفعلي بين أجهزة وإدارات الدولة المختلفة، إلى ضعف البنية التحتية والعجز في تدابير الأمن والسلامة ونقص المعدات والإمكانيات لدرجة أن مدينة كاملة تعتمد على سيارة إطفاء واحدة، وعرفنا أن بلادنا لا تملك أجهزة حديثة لرصد الزلازل منذ أكثر من 13 عامًا بالرغم من النشاط المتزايد والملحوظ للزلازل والبراكين على المستويين الإقليمي والدولي، حتى مخرجات مختلف مراحل التعليم بعد دراسة الفيزياء والكيمياء والأحياء والرياضيات وتقنية المعلومات اكتشفنا ان كثيرا منها لم يقاوم في نهاية المطاف خزعبلات مدرسة (هوغوورتس) وخرافات (هاري بوتر) بل إن بعضهم استمات في الدفاع عنها وتصديق أن جيوش الجن تركت كل الدنيا وجاءت تستعرض عضلاتها في الأصابعة وبأفكار بدائية لا تزيد عن إشعال الحرائق.

كشفت لنا أزمة الأصابعة ضرورة وجود جهة مركزية متخصصة تتعامل مع الأزمة بسرعة وفعالية وتبادر فورًا للانتفال لعين المكان وقبل الجميع لقيادة عمليات البحث والتحقيق والتحري والكشف والمعالجة الميدانية وتتوجه للمواطنين يوميًا ببلاغ موجز حول آخر مستجداتها، وتتشدد في حماية الموقع ومنع المتطفلين من الاقتراب والتلاعب بمسرح الأحداث والتشويش على فرق الخبرة الرسمية خلال عملها لإنقاذ المنطقة المتضررة وطمأنة سكانها، كما كشفت أن تباطؤ السلطات في تقديم رواية مقنعة قائمة على الأدلة والتحقيقات العلمية هو ما سمح بتغوّل الخرافة وتبني الجهل في تفسير الأحداث، وساهم في إلهاء المواطن عن كثير مما يدور في بلاده وفي العالم من حوله، وزاد المسافة بين بلادنا والقرن الذي نعيش فيه.

أحلام محمد الكميشي

شاهد أيضاً

من هو نيرون الأصابعة؟

عبدالرزاق الداهش   هل الجن هو من أشعل النار في بيوت أهلنا بمدينة الأصابعة؟ ولماذا …